248والمكتبات ، وكل مظاهر الثقافة ، ويركزون في ذلك على مكة ودور الحرم المكي الشريف في التأسيس لهذه الثقافة ، ففيه كثير من حلقات العلم حيث يدرس فيها بعض العلوم العربية والتفسير على الطريقة القديمة ، وأغلب الطلاب والمتعلمين في هذه الحلق من الجنس الجاوي ويشرف عليهم حوالي ثلاثين عاملاً ومعلماً .
أما المدينة النبوية فيصفها البتنوني عام 1327ه بأنها تفتقر إلى المدارس الرسمية ، بينما يوجد فيها حوالي سبعة عشر كتاباً لتعليم العلوم البسيطة ، أما في الحرم فتقام حلقات التدريس ويدرس فيه الفقه والتفسير ، وهنا - في المدينة المنورة - تبرز مدرسة القرآن والحديث والتي يعمل فيها الشيخ محمود شويل ويديرها الشيخ أحمد الدهلوي ، وينفق عليها من التبرعات الشخصية التي يجود بها رجال المال والخير الهنود 1 .
وفي هذا الإطار نجد مظهراً بارزاً من المظاهر الثقافية ، وهو المكتبات العامة والخاصة ، سواء في مكة أو المدينة أو جدة . وتسمى آنذاك «الكتبخانات» ، ففي مكة مثلاً - حسب ما رصده البتنوني عام 1327ه - مكتبتان : الأولى في باب أم هاني بجوارالحرم واسمها كتبخانة شرواني زادة محمد رشدي باشا ، أحد ولاة الحجاز السابقين ، والثانية في باب الدريبة قرب باب السلام واسمها كتبخانة السليمانية التي أسسها السلطان عبدالمجيد ، ووفر لها الكتب من شتات الحرم ومما أرسل من العاصمة العثمانية . ولكل مكتبة مأمور يقوم بشؤونها ، ولكل منها فهرس يخط باليد ، والكتب فيها من معارف متنوعة نحوية وفقهية وتاريخية سواء باللغة العربية وهي الأعم الأغلب أو باقي اللغات مثل الفارسية والهندية والتركية والجاوية . وهنا يشير البتنوني أن هناك كتباً كثيرة كانت في