159تكون كذلك وهي تنبع من قلب مليء بالإيمان ، وأي إيمان! إنه إيمان رباني عارف باللّٰه بكل ما تحمله من معان كبيرة عظيمة ، تراه قد جسدها في سلوكه ، في سكناته وحركاته في أقواله وأفعاله . وهذه طاقة حكيمة طيبة منها وهو يصارع مرضه الذي توفي فيه :
تقول الرواية :
لما مرض حذيفة مرضه الذي مات فيه قيل له : ما تشتهي ؟
قال : اشتهي الجنة .
قالوا : فما تشتكي ؟
قال : الذنوب .
قالوا : أفلا ندعو لك الطبيب ؟
قال : الطبيب أمرضني .
لقد عشت فيكم على خلال ثلاث : الفقر فيكم أحب إلي من الغنى ، والضعة فيكم أحب إلي من الشرف ، وإن من حمدني منكم ولامني في الحق سواء .
ثم قال : أصبحنا؟ أصبحنا؟
قالوا : نعم .
قال : اللهم ، إني أعوذ بك من صباح النار ، حبيب جاء على فاقة ، فلا أفلح من ندم .
وقد حدث جعفر بن محمد عن أبيه قال :
قال حذيفة حين حضره الموت :
مرحباً بالموت وأهلاً ، مرحباً بحبيب جاء على فاقة ، لا أفلح من ندم ، اللهم إني لم أحب الدنيا لحفر الأنهار ، ولا لغرس الأشجار ، ولكن لسهر الليل وظمأ الهواجر ، وكثرة الركوع والسجود ، والذكر للّٰهعز وجل كثيراً ، والجهاد في سبيله ، ومزاحمة العلماء بالركب .