136منطلقاً من هوى أو عاطفة الحب التي تجمعه بأخيه في الدين عمار ، وإنما مبنية على ما سمعه ووعاه من رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بحق هذا الصحابي الكبير ، وأنه لا يقف إلّا مع الحق وأهله. فهذا محمد بن عباد بن موسى قال: حدثنا محمد بن فضيل قال : حدثنا مسلم ابن الأعور عن حبة بن جوين العرني أنه قال:انطلقت أنا و أبومسعود إلى حذيفة بالمدائن فدخلنا عليه فقال : مرحبا بكما ما خلفتما من قبائل العرب أحداً أحب إلي منكما . فأسندته إلى أبي مسعود فقلنا : يا أبا عبد اللّٰه! حدثنا فإنا نخاف الفتن !
فقال : عليكما بالفئة التي فيها ابن سمية ، إني سمعت رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يقول :
«تقتله الفئة الباغية الناكبة عن الطريق ، وأن آخر رزقه ضياح من لبن ».
قال حبة : فشهدته يوم صفين وهو يقول : ائتوني بآخر رزق لي من الدنيا .
فأتي بضياح من لبن في قدح أروح له حلقة حمراء . فما أخطأ حذيفة مقياس شعرة ، فقال :
اليوم ألقى الأحبة محمداً وحزبه
واللّٰه لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر ، لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل ، وجعل يقول :
الموت تحت الاسل والجنة تحت البارقة .
وجاءه -على رواية -نعي أخيه عمار بن ياسر في معركة صفين ، وهو بالمدائن ، والياً عليها ففقد بفقده أخاً مؤمناً عظيماً مجاهداً كريماً رضوان اللّٰه عليه 1 .
جهاد ومواقف واعية :
عرف هذا الصحابي بمواقفه الجهادية العديدة ، سواء تلك التي كانت في عهد رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أو التي وقعت بعده في عهد الخلفاء . وها نحن نشير إلى ما تيسر لنا منها :