116وهذا الكلام واضح الدفع :
أ - أما كبرى ظهور صيغة الأمر في الوجوب فقد حقق في علم أصول الفقه .
ب - وأمّا الصغرى فلا توجد قرينة تصرف خصوص الآية عن هذا الظهور في الإلزام ، بل سيأتي ما يوجب تأكيد ظهورها في ذلك .
ثالثاً : ثمة احتمال ذكره المحقق الأردبيلي وغيره وهو أن نحمل الآية على النية ، فيما تحمل الأخبار المؤيدة لها على الندب ، وقد استظهر رحمه اللّٰه ذلك 1 .
وهذا الوجه قابل للمناقشة أيضاً ، فإن حمل الآية على النية يحتاج إلى قرينة ، إلا إذا قصد تفسير الذكر بالذكر القلبي ، وسيأتي الحديث عنه ، وعندئذٍ يرد عليه أنّ الذكر لو أريد منه نية الأفعال لكان من باب تحصيل الحاصل ، لأنّ الحج بتمام أفعاله وشرائطه مشروط بالنية والإخلاص ، كأي عبادة أُخرى ، فيكون أخذ النية في الأمر العبادي مفروضاً عادةً بل دائماً ، ومعه فأي خصوصية لذكر النية في أفعال الحج بعنوان الذكر بعد تقرير أصل وجوب هذه الأفعال على نحو القربة ؟
هذا مضافاً إلى أنّه لو أريد بالذكر النية ، فلا ينسجم مع الآية اللاحقة المتوحّدة السياق معها ، والآمرة بالذكر الكثير كذكر الآباء أو أشدّ ذكراً ، فإن النية تحصل ويبقى لها نحو استدامة حكمية بلا حاجة إلى افتراض كثير وقليل فيها . نعم ، لو أراد من النية مطلق الذكر القلبي ، لا الذكر القلبي المفروض في النية أمكن ، وسيأتي بحثه .
رابعاً : إن الحكم بوجوب الذكر خلاف المشهور ، بل خلاف الاتفاق على ما يبدو ، ولهذا تحمل الآية على الاستحباب 2 .
وفي النفس شيء من دعوى كونه خلافَ المشهور بعد عدم تعرّض الكثيرين