106إلى التردد في التكليف المجعول لا في امتثاله ؛ ليحكم بالاشتغال ؛ فلا يعلم بتعين الوقوف في القطعة من الأرض المتيقّن كونها عرفة أو التخيير بينها وبين الوقوف بغيرها المشكوك في كونها من عرفة .
وليس هذا من قبيل التكليف بالمسببات التي يجب الاحتياط في محصّلها حيث يشك كما تقدم ؛ فلا تخلط .
وكذا يحكم بالبراءة لو شك في صدق الطواف بالبيت لو طاف الحاج في مكان أرفع من البيت ؛ لرجوع الشك فيه إلى الشك في اشتراط الواجب وهو الطواف بمحاذاة البيت ، وقد سبق أنه مع الشك في اشتراط الواجب يحكم بالبراءة .
فكما أنه لو شك في اشتراط الصلاة بشرط يحكم بالبراءة فكذا في المقام . ولا فرق في الشرط المشكوك بين المقوّم للصلاة على تقدير اعتباره وبين غيره . كما أن الأمر في الأجزاء المشكوكة كذلك . ولذا ترىٰ أن الاُصوليين الذين ذهبوا إلى وضع ألفاظ العبادات لخصوص الصحيح يتمسكون بأصل البراءة إذا انتهى الأمر إلى الاُصول العملية وشك في اشتراط شيء أو اعتبار جزء في الصلاة ؛ مع رجوع الشك إلى الشك في صدق الصلاة الصحيحة بدون الجزء والشرط المشكوكين لا محالة .
فإذا كان الأمر في الصلاة كما سبق ، فالأمر في الطواف حيث يشك في اشتراط صدقه بشيء - ومن جملته اشتراط المحاذاة - يكون كذلك . وقد سبق التصريح بجريان البراءة في مثله من المحقق الخراساني في كفاية الاُصول ؛ حيث صرّح بأن الشك في صدق الصلاة - بناءً على اختصاص الوضع بالصحيح - لا يمنع من الرجوع إلى البراءة في الأجزاء والشرائط المشكوكة ؛ ونسب ذلك إلى المشهور ؛ وأنهم ذهبوا إلى البراءة مع قولهم بكون الألفاظ موضوعة لخصوص الصحيح ، فراجع .