104ولا فرق في ذلك بين تطبيق حديث الرفع ودليل البراءة على عنوان وجوديٍّ ملازم للأمر العدمي ، فيقال: تعيّن كذا مرفوع ، وبين تطبيقه على نفس العنوان العدمي .
وثانياً: إن مرجع احتمال التعيين إلى احتمال إطلاق وجوب الواجب في حالة فعل ما يشك في كونه عدلاً ؛ كما أن احتمال التخيير يؤول إلى احتمال عدم وجوب الشيء في حالة فعل ما يشك في كونه عدلاً ؛ وأصل البراءة - سواء النقلي أو العقلي ، علىٰ تقدير تمامية البراءة العقليّة - ينفي الإطلاق ، ويناسب نفي الوجوب مع الإتيان بما يشك في كونه عدلاً .
فمثل هذا الشك في السقوط مجرى أصل البراءة ، لا أصل الاشتغال ؛ بعد عدم كون الاشتغال عند الشك في السقوط ثابتاً بدليل لفظي عام .
وثالثاً: ما سبق من تحقق الانحلال الحقيقي في مثل موارد الشك في الجزئية والشرطيّة ، واحتمال التعيين ؛ فيكون جريان الأصل في هذه الموارد من قبيل الأصل في الشبهات البدويّة غير المقرونة بالعلم الإجمالي ؛ وذلك لكون ترك العمل الذي يشك في اشتماله على جزء أو اشتراطه بشرط رأساً مخالفة قطعيّة تفصيليّة ؛ وكذا ترك الواجب الذي يحتمل ثبوت العدل له على تقدير ترك العدل ؛ فلا أصل مرخص في هذه الحالة بعد العلم التفصيلي بكونها مخالفة ؛ وأمّا الحالة الاُخرىٰ ، أعني الإتيان بالعدل المشكوك دون معلوم الوجوب في الأخير ، وكذا الإتيان بالفاقد للجزء والشرط المشكوكين ، فلم يعلم تحقق المخالفة للواجب على تقديرها ؛ وهذا مشكوك بالشك البدوي ؛ والأصل فيه البراءة ؛ فإن في جعل الجزئية والشرطيّة وتعيّن الواجب كلفة زائدة عن الفروض الاُخر ينفيها دليل البراءة .
ولا فرق في دعوى الانحلال حقيقة أو حكماً بين كون التخيير المحتمل عقلياً - لاحتمال كون التكليف متعلقاً بالجامع العرفي - وبين كونه تخييراً شرعيّاً ، فيما لم يكن بين الخصال جامع عرفي أو كان ولم يجعل الوجوب على أساسه ؛ بل تعلق