53
ثم يقول الرازي: ولا نرى في العالم مثالاً أحسن مطابقةً لأمر المنافقين من هذا المثال!
وحاصل الكلام أنّ أحد البناءين قصد بانيه ببنائه تقوى اللّٰه ورضوانه، والبناء الثاني قصد بانيه ببنائه المعصية والكفر، فكان البناء الأول شريفاً واجب الإبقاء، وكان الثاني خسيساً واجب الهدم 1.
هذا ولا بد لنا من الإشارة الى أنّ العلماء اختلفوا في
«فانهار به في نار جهنم»
هل هذا حقيقة أو مجاز على قولين:
الأول:
أنّه حقيقة، فقد أرسل إليه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله من يهدمه، وفعلاً هدم وخرب ورؤي الدخان يخرج منه، كما في رواية سعيد بن جُبير، وقال بعضهم: كان الرجل يُدخل فيه سعفة من سعف النخل فيخرجها سوداء محترقة، فيما ذكر أهل التفسير أنّه كان يُحفر ذلك الموضوع الذي انهار فيخرج منه دخان، وروى عاصم بن أبي النجود عن زرّ بن حبيش عن ابن مسعود أنّه قال: جهنم في الأرض، ثمّ تلا
«فانهار به في نار جهنم»
أما جابر بن عبداللّٰه فيقول: أنا رأيت الدخان يخرج منه على عهد رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله.
حاصل الكلام أنّ أحد البناءين قصد بانيه ببنائه تقوى اللّٰه ورضوانه، والبناء الثاني قصد بانيه ببنائه المعصية والكفر، فكان البناء الأول شريفاً واجب الإبقاء، وكان الثاني خسيساً واجب الهدم
الثاني:
أنّه مجاز، ومعناه: صار البناء في نار جهنم، فكأنه انهار إليه وهوى فيه وهذا كقوله تعالى:
«فأمُّه هاوية»
، يقول القرطبي: والظاهر الأول، إذ لا إحالة في ذلك واللّٰه أعلم 2.