28
إلىٰ أنّ هنا فرعين داخل هذه المسألة، فتارةً نبحث عن التظليل للنازل بمعنىٰ الدخول في البيوت والاستقرار فيها أو في الأخبية، وتارة أخرىٰ نبحث عن التظليل داخل الأماكن التي ينزلها الحاجّ مثل مكّة وعرفة ومنىٰ، لكن لا في البيوت بل حال التنقّل داخلها، فإذن تارةً البحث في التظليل داخل البيوت مقابل التظليل حال التنقل بينها، وأخرىٰ أيضاً في اختصاص التظليل بحال الوصول لا النزول أثناء الطريق ممّا سنشير إليه في المبحث الرابع (أيضاً) فانتظر.
والذي يمكن الاستدلال له في المقام هنا هو:
الوجه الأوّل:
الإجماع المدّعى في كلمات جماعة، منهم العلامة الحلّي في التذكرة، والشهيد الثاني في الروضة، والمحقّق النجفي في الجواهر، والعلامة المجلسي في ملاذ الأخيار، والسيّد الطباطبائي في رياض المسائل مما أسلفنا ذكره، ولا يظهر في ذلك خلاف من أحد، إذ لم نجد من ذكر حرمة التظليل للنازل صريحاً أو ظهوراً واضحاً، من حيث المبدأ.
إلا أنّ الاستدلال بالإجماع مناقش فيه:
أولاً:
إن احتمال مدركيّته واضح، سيما و أنّ بعض من نقل ادّعاء الإجماع - وهو السيد العاملي صاحب المدارك - قد أقام الدليل - كما سيأتي - على الحكم هنا، فالاستناد إلى الإجماع في هذا الوضع في غير محلّه.
ثانياً:
إنّه من غير المعلوم ماذا يريد الفقهاء السابقون من عبارتي سائراً ونازلاً، علىٰ وجه الدقّة، فإنّه لا يحرز هل يكون التنقّل داخل مكّة وعرفة والمزدلفة، مندرجاً في حال السير أو النزول؟ ومعه يؤخذ بالقدر المتيقّن من معقد الإجماع، وهو - كما سنرىٰ في مطاوي البحث - الكون في الأبنية والأخبية عند النزول والاستقرار بعد السفر، فلا يكون الإجماع حجّةً في غير ذلك ولا يصحّ تكميل الإجماع بعدم القول بالفصل، لأنّ الفصل قد تحقّق في كلمات بعضهم كما سيظهر لاحقاً، وإن كان هذا البعض من المتأخرين من أمثال صاحب الجواهر.
الوجه الثاني:
ما ذكره صاحب المدارك 1من الاستناد إلى رواية جعفر بن
المثنّى في المقام، حيث ذكر دلالتها على اختصاص الحكم بحرمة التظليل بحال السير.
و الرواية هي: «. . . كان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يركب راحلته فلا يستظل عليها، و تؤذيه الشمس فيستر بعض جسده ببعض، و ربما يستر وجهه بيده، و إذا نزل استظلّ بالخباء و في البيت و بالجدار» 2.