246
ومما جاء في بئر اسمها: (الغَمْر) ، وهي لبني سهم، قول شاعرهم:
نحن حفرنا الغَمْر للجميع
تَثُجُّ ماء أيَّمَا ثَجِيج 1
وقالت سُبَيعة بنت عبد شمس مفتخرة ببئر احتفرها أهلُها، اسمها: (الطَّوِيُّ) :
إن الطَّوِيَّ إذا ذكرتم ماءها
صَوْبُ السحاب عذوبة وصفاء 2
وللشاعرة خالدة بنت هاشم بن عبد مناف شعر في بئر اسمها: (سَجْلَة) ، احتفرها أبوها هاشم، ثم وهبها ابنه أسد لعَدِي بن نوفل، ولم يكن لأسد عقب، منه قولها:
نحن وهبنا لعَدِيّ سَجْلَة
تُروِي الحجيج زُغْلَة فزُغْلة 3
وغيرها كثير.
وعلى هذا النحو عبّر شعراء ماقبل الإسلام عن تلك المكانة العظيمة لمكة ولمقدساتها، ولأهلها، في قلوب العرب جميعاً، وإن ما أوردناه في هذا العجالة لا يعدو أن يكون أمثلة مختارة من شعر كثير قيل في الموضوع، وهو في جملته واضح الدلالة على أن مكة المكرمة كانت قبل الإسلام محوراً أدبياً مهماً، يلتقي عنده الشعراء، والأدباء عموماً، في أوقات الشدة والرخاء، واليسر والعسر، على حد سواء، كما يبدو هذا الشعر أيضاً معبراً عما يكنه العرب لمكة والأماكن المقدسة، وساكنيها، من تقدير واحترام يصل إلى درجة التقديس