24
والشيء الذي شاهدناه هو أنّ أنصار هذه النظرية لم نجدهم على رأي واحد من حيث طبيعة التحديد والتضييق الذي افترضوه، فقد لاحظنا عبارة الشيخ الصدوق (381 ه. ق) تشرف على التدليل على حرمة الركوب في القبّة، و كأن القبّة أو ما قاربها كانت ذات موضوعيّة في مسألة التحريم هنا، و الملاحظ - كما أشرنا سابقاً - أنّ بعض الروايات توحي بهذا التضييق من حيث ورودها ضمن عنوان القبّة أو ما شابه، ولعلّ الشيخ الصدوق، قد لاحظ مثل هذا النوع من الروايات و اعتمد عليه.
وهكذا وجدنا فريقاً من المعاصرين، يسعىٰ لتضييق دائرة التحريم بلحاظٍ آخر، يحاول أن ينطلق فيه من خصوصية الزمان والمكان الحافّين بالحكم الصادر عن المعصومين عليهم السلام، فيرى أنّ هذا الحكم كان يعني في ضمن ظرفه التاريخي تعبيراً عن رفض مظاهر الدعة و الفخر و الترف في سفر الحج، لا مجرّد التظليل للحاج و لو لم تكن هناك ملابسات تتصل بهذا الأمر في تظليله.
و قد حاولنا في القسم السابق تحليل هذين القولين ضمن النظرية الثانية، و لاحظنا وجود نصوص صحيحة السند تعلّق الحرمة على ما هو أوسع من مجرّد القبّة، ولم نخف إعجابنا بالقراءة التاريخية التي حاول أن يمارسها الفريق الثاني المعاصر، إلّاأننا مع ذلك لم نجد على وجهة نظره شواهد أو مؤيّدات تدعم احتماله بما يحصل حالة الوثوق المعتبر.
هنا، خرجنا بالقول بحرمة التظليل بعنوانه مطلقاً على المشهور المعروف بين الفقهاء.
وقد شرعنا بفرعين اثنين: كان الأوّل منهما حول اختصاص حكم التظليل بالرجال وعدم شموله للنساء، وأثبتنا ذلك على ما هو المعروف بين