214
سابور الملك لما حج زمزم فيها، والزمزمة: كلام الأعاجم وقراءتهم في صلاتهم، ودعاؤهم على طعامهم، وتذكر المصادر أيضاً: أن الفرس تعتقد أنها من ولد إبراهيم الخليل عليه السلام، وقد كانت أسلافهم تقصد البيت الحرام، وتطوف به، تمسكاً بشعائر جدهم، وهديه، وحفاظاً على أنسابهم، وكان آخر من حج منهم الملك: ساسان بن بابك، وكان إذا أتى البيت طاف به، وزمزم على هذه البئر، وفي ذلك يقول شاعرهم:
زَمْزَمَت الفرسُ على زمزم
وذلك في سالفها الأقدم 1
لمكة مكانة روحية عالية لدى جميع العرب، والمسلمين، وغيرهم من الأمم، والملل الأخرى، مثل: الروم، والفرس، واليهود، والنصارى، والمجوس، والصابئة، والجبارين، والمردة، والعصاة، والمجرمين، والصعاليك، ويلجأون إليها عند الحاجة والخوف، ويفدون عليها حجاجاً من كل بقاع الأرض، وفي القرآن الكريم، والآثار التاريخية دلائل لا تحصى على هذه المنزلة العظيمة، والشرف العالي لمكة المكرمة
وافتخر بذلك أحد شعراء الفرس، فقال:
ومازلنا نحج البيت قِدْما
وطاف به وزمزم عند بئر
لإسماعيل تُرْوِي الشاربينا 2
ومهما قيل في هذا الشعر وصحته، فإنه يحمل في طياته معاني التعظيم والإكبار لمكة والبيت الحرام، وكافة المقدسات التابعة لهما.