99يسلكه عوام الناس، حتى يتبيّن للذين يتشرفون بزيارة المسجد المذكور؛ لإقامة الصلاة والتوجّه إلى اللّٰه سبحانه بالدّعاء، يتبيّن لهم واقع الأمر، ويضعوا في حُسبانهم مَقام المكان الذي يختلفون إليه ومنزلته، وسبب توشّحه بلباس القدسيّة والشرف، وميزة المسجد المذكور بين المساجد والأماكن المقدسة الأخرى.
الأهميّة التأريخية لمساجد المدينة:
تتمتّع أماكن عبادة اللّٰه تعالى في جميع بقاع الأرض ولدى جميع المذاهب والأديان باحترام كبير وقدسيّة خاصّة، ويكِنّ أبناء الدين أيّاً كان وأصحاب العقيدة مهما كانت، احتراماً مُتميّزاً لأماكن العبادة تلك، بل ويعتبرون أنّ إبقاء أماكن العبادة نظيفة والحفاظ عليها ومراقبتها من ضمن واجباتهم الدينية تجاه تلك الأماكن المقدسّة. ولا غرو إذا ما تمتّعت هذه المسألة بأهميّة كبيرة في الدّين الإسلامي ومن قِبَل المُسلمين دون استثناء، حتى أنّهم سنّوا أنظمة وقوانين خاصّة بتلك الأماكن، تحفظ لها كرامتها وتبقيها على ما هي عليه من قدسيّة، ومنها: أنّه لا يحقّ للجُنُب المكث في أيّ من المساجد، بل ولا يحقّ له أداء الصلاة فيها حتى تثبت طهارته وابتعاده عن كلّ نجس، وما إلى ذلك.
ويكفي أنّ نذكر هنا ما تتمتّع به المساجد من شرف وقدسيّة، ذلك أنّ اللّٰه سبحانه نسبها لذاته المقدسة حيث قال جلّ شأنه: وأنّ المساجدَ للّٰهفلا تَدعوا معَ اللّٰه أحداً 1وأوكلَ إلى عباده عمارة المساجد، مُعتبراً هذا العمل صفة من صفات المؤمنين باللّٰه سبحانه حيث قال تعالى: إنّما يَعمُر مَساجدَ اللّٰهِ من آمنَ باللّٰهِ واليومِ الآخر. . . 2. ومن هنا بادرَ المسلمون، ومنذ الأيام الأولى للدّعوة الإسلاميّة وحتى يومنا هذا، إلىٰ إنشاء المساجد وتعمير ما قد اُنشىءَ من قبل، وأَوْلوا ذلك جُلّ اهتمامهم وبذلوا من أجله كلّ ما بوُسعهم، فخلّفوا في مُعظم بقاع