74فما المانع من أن يحثّ الإمام عليه السلام ويرغب في ترك الحرام بأن يشير إلى وعد إلهي بغفران الذنوب لمن انتهى عما نهى اللّٰه تعالى عنه؟ ! ألم يرد شبيه ذلك في الحجّ نفسه وهو من الواجبات القطعية عند المسلمين كافة؟ ! وألم يرد هذا اللسان - لمن راجع - في أكثر الواجبات والمحرّمات؟ !
هذا، سيّما وأن الراوي ينقل هذا الذيل بعد قوله: «ثم قال:» ، وكأن الإمام عليه السلام استأنف حديثاً بعد أن أنهى جوابه، وليس الحديث جزءاً من الجواب، فلا يمنع أن يكون بصدد الحث والترغيب على اجتناب المحرّم.
ثانياً: ما ذكره السيّد محمد محقّق داماد من أن ضمّ التلبية إلى التظليل في الذيل يجعل إفادة الرواية للإلزام قاصرة، إذ من المعلوم استحباب التلبية في هذه الحال لا وجوبها 1.
والجواب: إنّ ما نريد الاستدلال به هو صدر الرواية لا ذيلها، فلو بقينا والذيل المنقول عن رسول اللّٰه عليه السلام لربما تمّت المناقشات، إلّاأنّنا أشرنا إلى أنّ الذيل لا مانع من كونه قد جاء في سياق الحثّ والترغيب على ترك المحرّم، ومن ثمّ كان هذا الترغيب - لا أصل الحكم - منوطاً بانضمام التلبية، وأيّ محذورٍ في تعبيرٍ كهذا؟ ! فلاحظ جيّداً.
فالنصوص التشريعية - ومنها القرآنية - كثيراً ما مزجت بين النص الفقهي القانوني والنص الأخلاقي والروحي، والفصل بين هذين اللسانين إنّما هو ظاهرة متأخرة سببها تطوّر علم الفقه
ثالثاً: ما ذكره بعض المعاصرين - حفظه اللّٰه تعالى - من أن التعليل في الذيل يدلّ بمفهومه على أنّه لو أحرم في الليل وأنهى أعماله فخرج عن إحرامه، دون أن يعرض نفسه للشمس، فلا يكون موعوداً بغفران الذنوب، وفي هذا ما فيه 2.