31يرتكنوا إلىٰ جدار، يسعون - كما أسعىٰ - في طرقات المشعر الحرام دون مبالاة بالحرّ أو الشمس، عائلات بأكملها، الأم والأب والأبناء الصغار، يبدو أنّهم قد بذلوا كلّ ما يمكنهم من أجل إتمام هذه الرحلة، آخرون غيرهم لا يقوون على السير وعلىٰ وجوههم آثار سوء التغذية، يتمنون ميتاً ومدفناً في هذه الأرض المقدّسة، الإيرانيون يسيرون في جموع من الصعب اختراقها، يرفعون - كعادتهم - لافتات ويردّدون شعارات، الآسيويون مازالوا يحافظون علىٰ صفوفهم المنتظمة، قطارات متتابعة من أجسادهم الصغيرة تطوف بكلّ مكان، هل تلقوا تدريباً على السير في عرفة أيضاً؟ المصريون يسألون عن جبل الرحمة في صخب، يدورون حول أنفسهم ولا يصلون إليه، مسلمو بلاد السوفييت سابقاً لا ينسون نصيبهم من التجارة، كلٌّ في ملكوته، وعرفة علىٰ ضيقها تتسع للجميع.
أواصل السير في الطرقات، أشم عبق الأجساد التي لا تكفّ عن التوسل، ما كل هذا الإحساس بالذنب، وأي نوع من الخطايا يستلزم كلّ هذا القدر من التضرّع؟ هل آن لكلّ هؤلاء الفقراء والبسطاء أن يرتكبوا أنواعاً من الخطايا الكبرىٰ؟ أسير من خط إلىٰ آخر، إنّه إحساس النفرة والتأهب في انتظار حدث كبير، قيامة جديدة أو غفران شامل، تستدير الشمس في منتصف السماء، آخذ زجاجة من الماء فأشرب نصفها وأصب النصف الآخر فوق رأسي، لا عطش في عرفة، عشرات العربات تقوم بتوزيع كميّات كبيرة من زجاجات الماء والألبان والعصائر، تتبارى الشركات السعودية بتوزيعها مجاناً على الحجيج، هناك من يسوق جملاً مزيناً ويدعو من يشاء للتصوير وهو راكب علىٰ ظهره، ذكرىٰ لا تخلو من فائدة في ذلك اليوم، أسواق صغيرة جانبية تقوم علىٰ أطراف الخيام، مستوصفات طبية تقدم المعونة للمصابين بضربات الشمس، وحتىٰ