182بالمنكرات، وهمّ هشام بقتله ففرّ منه، وكان لا يقيم بأرض خوفاً على نفسه، وبويع له بعد هشام بالخلافة، ومن استهتاره أنّه اصطنع بركة من خمر، وكان إذا طرب ألقى نفسه فيها، ويشرب منها حتّى يتبيّن النّقص في أطرافها، ومن أخباره أنّه واقع جاريته وهو سكران، وجاءه المؤذّنون بالصّلاة فحلف (أن) لا يصلّي بالنّاس إلّاهي! ، فلبست ثيابه وتنكّرت، وصلّت بالمسلمين وهي سكرىٰ متلطّخة بالنّجاسات على الجنابة! .
قال: وحكى صاحب الكشّاف أنّ الوليد تفأّل يوماً في المصحف، فخرج له قوله تعالى: فاستفتحوا وخاب كلّ جبّار عنيد 1، فمزّق المصحف وأنشأ يقول:
أتوعّد كلّ جباّر عنيد
فأجمع أهل دمشق على قتله، فلمّا دخلوا عليه في قصره قال: «يوم كيوم عثمان» ! ، وقطّعوا رأسه، وطيف به في دمشق.
ثمّ قال صدر المتألّهين: فانظروا يا أهل العقل والإنصاف! هل يستصحّ ذو مسكة أن يقال: إنّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يقول: لا يزال الإسلام عزيزاً والدّين قائماً ما وليهم إثنا عشر رجلاً من أمثال هؤلاء الخلفاء من الشّجرة الملعونة؟ ! انتهى كلامه 2.
و لا يخفى أنّ تسمية الخلفاء الأربعة بالخلفاء الرّاشدين جاءت متأخّرة عن صدور حديث العرباض بن سارية 3، يقول السيد العسكري: «إنّ الراشدين اصطلاح تأخّر استعماله عن عصر الخلافة الأموية، ولم يرد في نصّ ثبت وجوده قبل ذلك. .» 4.