183ثمّ إن تتابع الأوصاف الاحترازيّة بعد كلمة الخلفاء من قبيل «الرّاشدين المهديّين» 1يرشدنا إلى لزوم اتّصاف الخليفة بهاتين الصّفتين وهما الرّشد والهداية، و مع تواجدهما لا مجال للبدعة! .
ثانياً: لو سلّم ذلك فليس المراد بالاقتداء الاقتداء بذلك بهم في كلّ الأمور، بل في الأمور الّتي يطابق فعلهم فيها فعل الرّسول الأعظم صلى الله عليه و آله، لا مطلقاً.
قال ابن حزم الأندلسي: «إنّ سنّة الخلفاء هي اتّباع سنّته عليه السلام، وأمّا ما عملوه باجتهاد فلا يجب اتّباع اجتهادهم في ذلك» 2.
و قال أيضاً: «. . فإنّ الرّسول صلى الله عليه و آله إذا أمر باتّباع سنن الخلفاء الرّاشدين لا يخلو ضرورة من أحد وجهين:
إمّا أن يكون صلى الله عليه و آله أباح أن يسنّوا سنناً غير سننه، فهذا ما لا يقوله مسلم، ومن أجاز هذا فقد كفر وارتدّ وحلّ دمه وماله، لأنّ الدّين كلّه إمّا واجب أو غير واجب، وإمّا حرام وإمّا حلال، لا قسم في الدّيانة غير هذه الأقسام أصلاً، فمن أباح أن يكون للخلفاء الرّاشدين سنّة لم يسنّها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله فقد أباح أن يحرّموا شيئاً كان حلالاً على عهده صلى الله عليه و آله إلى أن مات، أو يحلّوا شيئاً حرّمه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، أو أن يسقطوا فريضة فرضها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ولم يسقطها إلى أن مات، وكلّ هذه الوجوه من جوّز منها شيئاً فهو كافر مشرك بإجماع الأمّة كلّها بلا خلاف، وباللّٰه التّوفيق، فهذا الوجه قد بطل، وللّٰه الحمد.
و إمّا أن يكون أمر باتّباعهم في اقتدائهم بسنّته صلى الله عليه و آله، فهكذا نقول: ليس يحتمل هذا الحديث وجهاً غير هذا أصلاً» 3.