168هذا إذا قلنا: إنّ قيد «في شهر رمضان» للراوي، لا للمؤلف. وممّا يؤيد ذلك أنّ البخاري نفسه لم يجعل الخبر في باب «صلاة التراويح» ، بل جعله في «باب تحريض النبيّ صلى الله عليه و آله على صلاة اللّيل والنوافل من غير إيجاب» .
و ثانياً: لازم هذا الخبر الالتزام بارتباط أحكام اللّٰه بفعل الناس، وإناطتها برضاهم! ، مع أنّ وضع الأحكام الشرعية تابع للمصالح والمفاسد الواقعيّة، وأمرها بيد الشارع المقدس لا غير، وملاك التشريع عبارة عن المصالح والمفاسد النفس الأمرية -وإن كانت بنحو الاختبار والامتحان -لا إقبال الناس وإدبارهم.
3. روى مسلم عن حرملة بن يحيى، عن عبد اللّٰه بن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة: أنّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله خرج من جوف اللّيل فصلّى في المسجد، فصلّى رجال بصلاته، فأصبح النّاس يتحدّثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله في اللّيلة الثالثة، فصلّوا بصلاته.
فأصبح النّاس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من اللّيلة الثالثة. فخرج فصلّوا بصلاته. فلمّا كانت اللّيلة الرابعة عجز المسجد عن أهله. فلم يخرج إليهم رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله. فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة، فلم يخرج إليهم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله حتّىٰ خرج لصلاة اللّيل. فلمّا قضى الفجر أقبل على النّاس. ثمّ تشهّد فقال: «أمّا بعد، فإنّه لم يخف عليّ شأنكم اللّيلة، ولكنّي خشيت أن تفرض عليكم صلاة اللّيل، فتعجزوا عنها» 1.
و فيه:
أولاً: إنّه صريح في كونه راجعاً إلى مسئلة الإئتمام بصلاة اللّيل، وهو أجنبي عن المقام. مع أنّ ما ذكرناه سابقاً جار هنا أيضاً.
و ثانياً: الخبر ضعيف بحرملة بن يحيى ويونس بن يزيد.
قال أبو حاتم في شأن حرملة بن يزيد: «لا يحتج به» 2.