111أقوى دليل على عَدم وجود مَسجد كذلك، ولو كان مثل هذا المَسجد موجوداً (بالفعل) لكان أحرى بأئمة الهدى عليهم السلام الإشارة إليه وتعريف أصحابهم به، ولتطرّقت إليه كتب الحديث والمصادر الفقهيّة، ولجاء ذكره في مجموعة الأدعية والزيارات، كما هو الحال مع سلسلة العبادات والأدعية الخاصّة بيوم المُباهلة، وذلك لاكتساب مثل هذا المَسجد ميزتين ثنتين، سواءٌ من الناحية التأريخية أو المَعنويّة، على بقيّة مساجد المدينة:
أمّا الميزة الأولى فهي أنّ مثل هذا المَسجد يُعتبَر رَمزاً وذكرى لحادثة تاريخيّة جدّ خطيرة، حيث ثبُتَ صِدق الإسلام والنبيّ الدّاعي إليه إلى يوم القيامة، وذلك بفضل من اللّٰه تعالى وهدايته.
وأمّا الميزة الثانية لمثل ذلك المَسجد، فتتمثّل في حضور آل البيت عليهم السلام في تلك المراسيم، وذلك امتثالاً لأمر القرآن الكريم الصّريح، حيث أشارت تلك الحادثة إلى إحدى فضائلهم الكبرى الخالدة، وأثبتت منزلتهم ومكانتهم بما لا يقبل الشكّ.
المَساجد التي أوصى بها الأئمة عليهم السلام:
ولتوضيح هذا الأمر، علينا بَحث بعض الروايات المنقولة عن أئمة الهدى عليهم السلام والتي أشاروا فيها إلى بعض المَساجد المُعيّنة، وأوصوا أصحابهم بالاختلاف إليها وأكّدوا على ذلك، شأنها في ذلك شأن الأماكن المقدّسة الأخرى، كما فعلوا هم كذلك.
أمّا تلك المساجد والأماكن فهي: مَسجد قبا؛ مَسجد مَشربة أمّ إبراهيم؛ مَسجد الفضيخ؛ مَسجد الفَتح؛ مَسجد الأحزاب؛ قبور شهداء أحد.
فقد وردَ في إحدى الروايات التي نقلها الكافي عن مُعاوية بن عمّار ما يلي:
«عَن مُعاوية بن عمّار (أنّه) قال: قال أبو عَبد اللّٰه عليه السلام: لا تَدَعْ إتيان المَشاهد كلّها، مَسجد قُباء فإنّه المَسجد الذي اُسِّسَ على التّقوى مِن أوّلِ يومٍ، ومَشربة أمّ إبراهيم، ومَسجد الفضيخ، وقبور الشهداء، ومَسجد الأحزاب وهو