79يكون مرادهم أنّ ما هو الموجود في منى وهو الأعمدة تسمّى جمرات لأنّها ترمى بالجمار أو لأنّ فيها مجمع الحصى وما شابه، والنصّ اللغوي يبيّن الاستعمال ولا يشير إلى الحقيقة أو المجاز، فلعلّ العمود سمّي جمرة لأنّ حوله مجمع حصى أو لأنّه يرمى بالحصى و. . .
وهذا معناه أنّ كلمات اللغويّين ساكتة عن تحديد الجمرة، وإنّما تلاحظ فقط خصوصيّة التسمية، وملاكها فلا تصحّ دليلاً على أنّ الجمرة في خصوص منى هي فقط مجمع الحصى، كما أنّها ليست دليلاً بالتأكيد على أنّها العمود، فاحتمال العمود أبعد من كلمات اللغويّين من احتمال غيره، وإن لم ينصّ اللغويّون على أنّ مرادهم من الجمرة في منى هو العمود.
نعم، مطلق الجمرة هو مجتمع الحصى، لكن تسمية ذاك المكان بأنّه جمرة ومجتمع الحصى لا ينفي وجود عمود خارجاً، فالإطلاق لغويّاً صحيح بالإشارة التي بيّناها.
ويظهر من مجموع ما تقدّم أنّه ليس هناك دليل قاطع حاسم للنزاع يحدّد ما إذا كان في عصر النصّ عمود أو لا، لا دليل على الإثبات ولا دليل على النفي، وهذا الأمر كما لا يبطل مدعى النافي كذلك لا يحقّق للمثبت شيئاً، فالشواهد من كلا الطرفين إذا لوحظت مجتمعة يوجد هنا وهناك فيها ما هو قويّ إنصافاً - كبعض فقرات الوجه الثالث من القول الأوّل والثاني من القول الثاني - لكن تضاربها جميعاً يهدم إمكان الركون إلى طرف بعينه.
المرمىٰ شرعاً:
وبناءً عليه يجب الرجوع إلى مقتضى الروايات في ما هو المرمى شرعاً سواء كان هناك عمود أو لا، وبالرجوع إلى الروايات بالاستعانة بما تقدّم لا يظهر شيء،