167بديلة للغرب، صورة تستبعد الرؤية الخطأ التي تحسب تمام مكاسب الحضارة الغربية ومعارفها، ليست سوىٰ ماكينة، ثم تهاجم بعنف تلك الماكينة، وتكيل لها ألوان التهم، من دون أن تميز بين الأبعاد المتنوعة للغرب الحديث، وكأن الغرب هو ماكينة وحسب، بينما تتجاهل ما أنجزه الغرب، من علوم طبيعية، وعلوم بحتة، وعلوم إنسانية، وآداب، وفنون. . . وغير ذلك.
ولا يصح اختزال أية حضارة في بعد واحد. أما الخلط العشوائي بين العلم، والتكنولوجيا الغربية، من جهة، والوجه الاستعماري للغرب، فهو بحاجة إلىٰ مراجعة، وتحليل نقدي، يحررنا من الرؤيا الإطلاقية الشمولية غير الموضوعية.
إن خطاب آل أحمد حيال «المكننة» ، وأثرها التغريبي في الشرق، ودورها في استئصال صورة الحياة التقليدية، وتدنيسها طهرانية عالمنا. . . ظل محكوماً بعقدة «المكننة» في غير واحد من كتاباته الأخرىٰ، لا سيما كتابه الأثير، الذي نقد فيه النخبة، ووسم مواقفهم بالخيانة، حسبما يشي عنوانه «المستنيرون: خدمات وخيانات» .
بل تغلغلت هذه العقدة حتىٰ في كتابه «قشة في الميقات» أيضاً. ذلك أن كل شيء يشير إلى الغرب، وسلعه، وعوالمه، صار يستفزه، بحيث تبدو المصابيح، وأضواؤها الساطعة في المشاهد المشرفة، شيئاً مثيراً لمشاعره، لأن تلك المصابيح، المصنوعة والمصممة علىٰ طراز غربي، تدنس الفضاء النقي الطاهر، حسب رأيه.
أدب الرحلة إلى الحجّ
أدب الرحلات من فنون الآداب العالمية العريقة، ويعتبر أدب الرحلات إلى الأماكن المقدسة من أروع أشكال هذا الأدب. وقد استأثرت الرحلة إلىٰ بيت اللّٰه الحرام في مكّة المكرمة، وزيارة الرسول صلى الله عليه و آله والمشاهد المشرفة في المدينة المنورة،