163استلهم من صادق هدايت تكنيك السرد الحديث في الكتابة القصصية، أما خليل ملكي فأوقد في وجدانه روح الكفاح السياسي.
ومما لا شك فيه أن طبيعة شخصية آل أحمد، واستعداداته، ليست بعيدة عن تنويعات المواقف والأفكار التي غرقت في فضائها، ذلك أن جلال اتسم بمزاج قلق، مضطرب، متطرف، يكتنفه تطلع وطموح متوثب، وجدية، وحيوية، وضراوة، وحساسية مرهفة.
وباء التغريب أو الإصابة بالتغرب أو نزعة التغريب
طبعت وعي آل أحمد هواجس أضرابه في عالمنا، هذه الهواجس التي كان يفجرها على الدوام، انشطار وعيهم حيال رهانات الهوية والماضي من جهة، والعصر وتحدياته من جهة أخرىٰ، مضافاً إلى الاستفهامات الملتبسة للنهضة والتحديث، وجدل التراث والوافد، وسطوة التكنولوجيا الغربية، وتغلغلها في كافة المجالات، وإزاحتها لمكونات الاجتماع التقليدي، وقيمه الموروثة، واستبدالها بالتدريج بقيم، تحكي روح الحضارة الغربية، وتجسّد مفاهيم ومقولات، تخترق بنية هذه المجتمعات، وتسود في حياتها علىٰ شكل ظواهر حضارية وثقافية واجتماعية واقتصادية.
لقد شعر آل أحمد بعمق تلك التحولات، ورصد آثارها في الحاضر، وحاول أن يستشرف مآلها ونتائجها، ليدرك أن مجتمعه يجتاحه إعصار، إذا لم تسخّر كل الطاقات لمقاومته، فإنه سيعصف بمرتكزات هذا المجتمع، ويطيح بمقومات وجوده، ويمسخه، فيحيله إلىٰ كائن مشوّه.
وأطلق جلال علىٰ عملية الاجتياح هذه «غرب زدگي» وهو مصطلح مشبع بدلالات سلبية، بل دلالات هجائية لكل ما هو غربي، ويوازيه بالعربية «وباء