150ثمّ الزائر والزائرة عند زيارتهما يتذكّران ذنبهما، وربما يمنعهما الخجل من الزيارة والحضور عند الرسول صلى الله عليه و آله، ومن هنا قال سبحانه إنّ من رحمته الواسعة ولطفه الجسيم:
أ نَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأصْلَحَ فَأ نَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ 1.
فمن يجهل مقام اللّٰه وجلاله، وتدعوه نفسه الأمّارة بالسوء بإغراءٍ من شياطين الجنّ والإنس، والانخداع بزخارف الدنيا الدنيّة، وبهارجها الزائلة، فإنّه يرتكب الذنوب والمعاصي، وحبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة، إلّاأ نّه حينما يتذكّر ربّه وآخرته يندم على ما فعل، ويتوب ويرجع إلى اللّٰه من بعد ذنبه، ويصلح أمره بقضاء ما فات، وأداء الحقوق والواجبات، وإذابة الجسد في طاعة اللّٰه، فإنّ اللّٰه حينئذٍ يغفر الذنوب جميعاً، فإنّه الغفور، أي كثير الغفران - صيغة مبالغة - وإنّه الرحيم، أي كثير الرحمة الواسعة والمستمرّة إلى يوم القيامة والثابتة - صفة مشبّهة - فالزائر في رضوان اللّٰه ورحمة رسوله، فإنّه رحمة للعالمين، ومن يستغفر عند نبيّه، فإنّ اللّٰه يغفر له الذنوب.
ثمّ يترتّب على زيارة النبيّ وعترته الأطهار فاطمة الزهراء وأئمة البقيع عليهم السلام اُمور جمة وعظيمة، يكلّ اللسان عن بيانها ويعجز القلم عن وصفها، إلّاأ نّه ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه، فنشير إلى أهمّ تلك الاُمور ليكون الزائر على بصيرة من أمره، ويزور نبيّه بمعرفةٍ وعلم، إذ قيمة كلّ امرئٍ ما يُحسنه، وأفضلكم أفضلكم معرفة، وإنّما الأجر والثواب والفضل على قدر العقل والعلم والمعرفة، فمن زار النبيّ وعترته الأبرار عليهم السلام، عارفاً بحقّهم بأ نّهم مفروضو الطاعة، وجبت له الجنّة، ونال