131فأيّ مسجد هذا بُني باسم النبي صلى الله عليه و آله ويقع في حوار الجهة الشماليّة الشرقيّة لحدود هذه القلاع الفعليّة في الجحفة؟ ومن البديهي أنّ حَدَثَين مهمّين للتأريخ الإسلامي أضفَيا على الجحفة أهمّية خاصّة:
الأوّل: انتخاب المحلّ بعنوان ميقات للحجّ، والثاني: هو الحدث الذي حصل أثناء رجوع النبيّ صلى الله عليه و آله من حجّة الوداع، ونكتفي حول هذا الحدث المعنوي في السيرة من بين المصادر الأساس فقط، بقول مؤرّخ كبير:
كتب ابن واضح اليعقوبيّ يقول 1:
إنّ نبي الإسلام «خرج ليلاً منصرفاً إلى المدينة، فصار إلى موضع بالقرب من الجحفة، يقال له: غدير خمّ، لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجّة، وقام خطيباً وأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول اللّٰه! قال: فمن كنت مولاه، فعليّ مولاه، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه. . .» .
وقد بُني هذا المسجد باعتبار هذا الحدث التأريخي من توقّف الرسول صلى الله عليه و آله وإيراد خطبته، وكان له أهمّية خاصّة في نظر التابعين والمسلمين الآخرين في القرون الإسلاميّة الاُولى؛ فعندما يقول البكري الأندلسي: «غدير خمّ على ثلاثة أميال من الجحفة. . . وهي الغيضة التي تسمّى خمّ» ، يُعلم أنّ محلّ غدير خمّ كان أبعد من محلّ ميقات (الجحفة) .
وقد ذكر الأسدي أيضاً - استناداً لما صرّح به السمهودي نفس المسافة 3 أميال 2. وأرى - رغم أنّ عرام قد قال: «دون الجحفة على ميل غدير خمّ» ،