55بها قوام حياتهم الاجتماعية، فاقتران الآيتين يعرب عن كون الحجّ ركناً في حياة المسلمين وبقاء كيانهم. ويشير أيضاً إلى تلك الجوانب قوله سبحانه: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ فِى أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ 1. فكانت الغاية من دعوة كلّ راجل وراكب إلى الاجتماع في أيّام الحجّ خصوصاً في المواقف والمشاهد، حيازة المنافع الكبيرة التي يحتوي عليها الحجّ. فما جاء في الآية تعبير جامع يتضمّن كلّ نفع يرجع إلى المسلمين في ذلك الملتقى، ولا يصحّ لنا تخصيصه بالنفع المعنوي بإخراج النفع المادّي، أو تخصيصه بنفع دون نفع، ففي ذلك الوفود إلى اللّٰه سبحانه منافع كثيرة يصطادها المسلمون حسب قابلياتهم وصلاحياتهم.
هذا ما لخصّناه للقارئ الكريم من الذكر الحكيم، وأمّا السنّة الشريفة فيكفي في ذلك أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر الإمام عليّاً عليه السلام بأن يتلو آيات البراءة في يوم الحجّ الأكبر، قال سبحانه: وَأَذَانٌ مِنَ اللّٰهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِىءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ. . . . . . 2وهل يشك ذو مسكة في أنّ البراءة ورفع الأمان عن المشركين وإمهالهم أربعة أشهر عمل سياسي قام به قائد الإسلام أيّام رسالته وازدهار دعوته، حتى يكون ذلك قوّة للمسلمين في الأجيال اللاحقة؟
هذا هو الإمام الطاهر الحسين بن علي عليهما السلام أطاح بطاغية عصره يزيد بن معاوية، ففضحه بعرض جناياته وأعماله المخزية على الصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان في موسم الحجّ في أرض منىٰ، وقد اجتمع تحت منبره قرابة ثمانمائة منهم، وأبان في خطابه موقف أهل البيت من الإسلام، ثمّ ذكر مظالم الجهاز الأُموي الحاكم، وطلب من الجميع أن يحملوا خطابه وهتافه إلى إخوانهم وأوطانهم حتى