54اجتماعية، قال سبحانه: وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا 1، وقال تعالى حاكياً عن خليله:
رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا 2.
فالحجّ بما أنّه أمر اجتماعي وملتقى للشعوب المختلفة، بحاجة إلى استتباب الأمن والهدوء حتى يقوم كلّ إنسان وشعب ببيان فكرته ونظريته ولا يخاف من إنسان ولا دولة، ويتجلّى الحجّ كمنبر حرّ للمسلمين كلّهم، وهذا ما نعبّر عنه بكونه عملاً اجتماعياً.
وفي جانب ذلك فالحجّ ملتقى ثقافي يلتقي فيه المفكّرون الكبار والعلماء في شتّى الحقول، فيقومون بعرض الاطروحات والتجارب على الصعيد الثقافي والعلمي والاقتصادي؛ كي تتعرف كلّ طائفة على ما عند الأُخرى من الأفكار القيّمة والنظريات المفيدة، فيؤدي ذلك إلى التقاء الأفكار والاحتكاك بينها.
إذاً الحجّ عمل اجتماعي وملتقى ثقافي وفي الوقت نفسه مؤتمر سياسي سنوي يجتمع فيه قادة المسلمين، فيتشاورون في مهام الأُمور بغية التنسيق والتعاون فيما بينهم، ولعلّ إلى تلك الجوانب الثلاثة يشير قوله تعالى: جَعَلَ اللّٰهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ 3.
فسواء كان القيام بمعنى القوام وما به حياة المسلمين، أو كان بمعنى ضدّ القعود، فالآية تتضمن نكتة مهمّة وهي انّ كيان المسلمين معقود بناصية الحجّ فيه يقومون وفي ظلّه قوام حياتهم، فالآية نظير قوله سبحانه: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِى جَعَلَ اللّٰهُ لَكُمْ قِيَاماً 4.
فوصف سبحانه أموال الناس بكونها قياماً لهم، أي بها يقومون في الحياة، أو