37وللوصول إلى هذه الحقيقة نمضي أوّلاً إلى عبارات فقهاء أهل السنّة والشيعة، ثمّ إلى كلام اللغويّين، لنبحث بعدئذٍ في روايات هذا الباب.
عبارات فريق من فقهاء أهل السنّة في معنى الجمرة
أشرنا من قبل إلى أنّ كثيراً من الفقهاء، قد التزموا الصمت إزاء معنى الجمرة؛ لكنّ فريقاً منهم لهم تعابير تدلّ على أنّ الجمرة هي الأرض المحيطة بالأعمدة، ونورد هنا أقوالاً من أربعة عشر كتاباً (سبعة كتب لفقهاء أهل السنّة، وسبعة كتب لفقهاء الشيعة) تشير إلى أنّ الجمرة في تلك العصور هي قطعة الأرض التي تُرمىٰ بالحصىٰ، وتعابير بعض فقهاء أهل السنّة شاهدة على أنّه ما كان في عصرهم وجود لعمود وأنّ الجمرة هي قطعة الأرض التي تقذف بالحصىٰ.
1 - يقول الشافعي أحد أئمّة أهل السنّة الأربعة:
«فإنْ رمىٰ بحصاة فأصابت إنساناً أو محملاً، ثمّ استنت حتّى أصابت موضع الحصىٰ من الجمرة أجزأت عنه» 1.
وهنا نرىٰ بجلاء أنّه يتحدّث عن مسألة تدحرج الحصاة على الأرض وإصابتها موضع الحصىٰ، ويرىٰ ذلك مُجزياً. وفي هذا دلالة علىٰ عدم وجود عمود.
2 - وفي هذا السياق يقول أحد أئمّة أهل السنّة المعروفين:
«وإن وقعت في موضع حصى الجمرة، وإن لم تبلغ الرأس أجزأ» 2.
ومن البيّن أنّ المراد ب «الرأس» : رأس الحصىٰ، أي أعلاه.
3 - يقول محيي الدِّين النّوَوي من فقهاء العامّة في كتاب «روضة الطالبين» :
«ولا يُشترط كونُ الرامي خارج الجمرة، فلو وقف في الطرف ورمى إلى الطرف الآخر جاز» 3.