39للنجاح: إمكان اجتماع أكبر عدد ممكن من نُخَب المسلمين فيها، وإمكان الحديث والتشاور بحرية لا يتيحها جوّ العاصمة العثمانية. وما تخلّى الرجلان عن المشروع رغم الاعتراضات والتحفّظات، بدليل مساعدتهما لعبد الرحمن الكواكبي (1845- 1902م) في نشر كتابه: اُمّ القرى (1900م) في طبعةٍ سريّة عليها تعليقات وحواش وتوسيعات لرضا، ثمّ المصير إلى نشر الكتاب نفسه على حلقات في مجلّة المنار بدءًا بمطلع العام 1902م.
كان الكواكبي الذي وصل إلى القاهرة عام 1899 م قد بدأ بنشر كتابه: طبائع الاستبداد بجريدة المؤيّد للشيخ علي يوسف (21) . وهو كتاب واضح العداء للسلطان عبد الحميد وللدولة العثمانية. أمّا في اُمّ القرى فيتحدّث الكواكبي (يسمّي نفسه السيّد الفراتي) عن مساعيه لعقد مؤتمر بمكّة للبحث في أسباب «الخلل والضعف» الذي حلَّ ب «كافّة المسلمين» مطلع القرن الرابع عشر الهجري.
خرج الفراتي من حلب مطلع العام 1316ه ( \ 1898م) ، وطاف بالبلاد العربية داعياً سراتها للقاء بمكّة أثناء موسم الحج من العام نفسه. وقد التحق به سائرهم كما يقول، باستثناء الأديب البيروتي (هل هو عبد القادر القباني صاحب ثمرات الفنون؟) الذي اعتذر.
وفي مكّة ضمّ إلى العرب القادمين ممثِّلين لسائر الجهات الإسلامية، وعقد هؤلاء جميعاً اثنيعشر اجتماعاً سريّاً في ناحية منعزلة من المدينة، تدارسوا فيها شؤون المسلمين، واقترحوا حلولاً وعلاجات لها، وأنشأوا سكرتيرية تنظيمية للمؤتمر لمتابعة تنفيذ المقرّرات (جمعية تعليم الموحديين) ، ثمّ انفضّوا!
ذكر الكواكبي في المؤتمر المفترض «مجمل أسباب الفتور» (يقصد الانحطاط) ، في ستّة وثمانين بنداً مقسّمةً على ثلاثة أنواع: الأسباب الدينية، والأسباب السياسية، والأسباب الأخلاقية - معتبراً أنّ هناك حاجة لإصلاح ديني جذري، وإصلاح سياسي قوي. وعمدتُهُ في عملية الإصلاح: فصل الخلافة عن السلطنة، وانتخاب خليفة قرشي مقرّه مكّة لمدّة