34اسم: حركة الخلافة، وقد ظلّوا يناضلون زهاء السنوات العشر من أجل إعادة الخلافة باعتبارها مناط المشروعية (8) .
ولهذا فإنّ فكرة المؤتمر التي بدا أنّهم يتّجهون إليها في البداية، - وإنْ مع ولاء للعثمانيّين - ما لبثت أن ضعُفت حيث انحصر جهدهم في إعادة الخلافة لاستعادة الرمز والمشروعية؛ ولم يلجأوا لإعادة النظر إلّافي وقتٍ متأخّرٍ وبعد أن تحطّمت آمالُهُم في النصف الثاني من العشرينيات. ففي العام 1924م أرسلت حركة الخلافة وفداً إلى مكّة للنظر في أوضاع الحرمين، وإخبار الحجازيّين بمقاصد الحركة، وما استطاع الوفد الوصول إلّاإلى جدّة بسبب الصراع على مكّة وقتها؛ لذلك اكتفى بإرسال برقية إلى حكومة الحجاز جاء فيها: أنّ من أهداف حركة الخلافة إقامة دولةٍ مستقلّةٍ استقلالاً تامّاً بالحجاز لرعاية الحرمين، وصونهما عن التدخّل الأجنبي. وهكذا فإنّ الحركة تدعو إلى مؤتمرٍ بمكّة يشارك فيه مندوبون من الدول الإسلامية المستقلّة، ومن الحجاز؛ لإنشاء تلك الحكومة (9) .
عادت الحركات الإسلامية بالهند وآسيا الوسطى وجاوه وسومطرة إذن، إلى فكرة المؤتمر بعد زوال الخلافة العثمانية. فقد كانت تلك الشعوب ونُخبُها تُعاني من الوقوع في إسار الاستعمار، وكان الكيان العثماني يمثِّل لها أملاً بالتحرّر، ورمزاً لوحدة المسلمين وسلطتهم وقوّتهم وتاريخهم العريق.
وإذا كان هؤلاء واهمين في قدرة الدولة العلية على مساعدتهم عسكرياً؛ فإنّهم لم يكونوا كذلك في إحساسهم باهتمام سلطات اسطنبول بقضاياهم ومشكلاتهم، ومحاولاتها لمساعدتهم دبلوماسيّاً واجتماعياً. فقد دأب السلطان عبد الحميد على استقبال رسلهم ووفودهم، وإعادة إسكان لاجيئهم، كما دأب على إيفاد مبعوثين إليهم لاستطلاع أحوالهم، والسعي لدى ممثّلي الدول الكبرى في اسطنبول من أجل تلبية مطالبهم. وفي العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر كانت اسطنبول تعجُّ بأصحاب المشاريع والحركات من النخب الدينية والثقافية