250فقال: إنّ صاحبي كان مخلطاً 1، كان يقول طوراً بالقدر، وطوراً بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهباً دام عليه.
قال: ودخل مكّة تمرّداً وإنكاراً على من يحجّ، وكان يكره العلماء مساءلته إيّاهم ومجالسته لهم لخبث لسانه وفساد سريرته، فأتى جعفر بن محمد عليهما السلام فجلس إليه في جماعة من نظرائه، ثمّ قال له: يا أبا عبداللّٰه، إنّ المجالس أمانات، ولابدّ لكلّ من به سعال أن يسعل، أفتأذن لي في الكلام؟
فقال أبو عبداللّٰه عليه السلام: تكلّم بما شئت.
فقال: إلى كم تدوسون هذا البيدر 2، وتلوذون بهذا الحجر، وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطُّوب والمدر 3، وتهرولون هرولة البعير إذا نفر، إنّ من فكّر في الأمر قد علم أنّ هذا فعل أسّسه غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فإنّك رأس هذا الأمر وسنامه، وأبوك أسّه ونظامه؟
فقال أبو عبداللّٰه عليه السلام: إنّ من أضلّه اللّٰه وأعمى قلبه استوخم الحقّ 4فلم يستعذبه، وصار الشيطان وليّه يورده مناهل الهلكة ثمّ لا يصدره، وهذا بيت استعبد اللّٰه تعالى به خلقه؛ ليختبر به طاعتهم في إتيانه فحثّهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محلّ أنبيائه وقبلة للمصلّين له، فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدّي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال، ومجتمع العظمة والجلال، خلقه اللّٰه تعالى قبل دحو الأرض بألفي عام، وأحقّ من اُطيع فيما أمر، وانتهي عمّا نهى عنه وزجر، اللّٰه المنشئ للأرواح والصور.