238الحضاري، فمن المعلوم أنّ الاعلام لا يهدف إلّاتركيز الفكرة أو الصورة، وترسيخ المفاهيم والمشاهد بوسائله المتعدّدة، ثم التأثير بذلك كلّه في عقول الناس ومرئياتهم، وقد قيل: إنّ الإعلام سلاح ذو حدّين، يبني ويهدم وينفع ويضرّ، كذلك أعمال الحج تحقّق هذه الغاية الإعلامية من تركيز العقائد وفضائل الأخلاق وتحريك الهمم وإيقاظ الروح وإشعال جمرة الايمان وإذكاء نار العداوة والبغضاء ضد الشياطين والوثنيات والكفر والعادات الخبيثة والأعمال القبيحة والمعاصي المدمّرة، وهي تبني معالم الهدى والسعادة والعلم والايمان وتخطّط للمستقبل الإنساني النيّر، وتوفّر لأهلها فرصاً سانحة للوحدة والتضامن والتعاون على البرّ والتقوى، وتهدم مسالك الغي والضلال، ومناهج الظلم والطغيان وتحطّم أغلال الشرك والعبودية والخنوع لغير اللّٰه.
إذا كان الاعلام يرسم الخطوط ويضع القواعد ويفصل المناهج لتركيز الفكرة وتصويرالآلام والأحلام والآمال والأهواء، و تمثيل مناظر اللهو والمجون والفواحش والنكبات والصور الإنسانية من جميع الأنواع، فإنّ اعمال الحج ومناسكه تمثّل المشاهد الإنسانية والمناظر الجذّابة من الرباط الوثيق بين العبد وربّه وبيته و مشاعره والعلاقة المخلصة الجادة بصاحب الشريعة و حامل الوحي و رسالة الإسلام محمّد صلى الله عليه و سلم الذي بعث رحمة للعالمين، إنها تصور ذلك الواقع الإنساني الذي رفع البشر إلى أعلى قمّة من السعادة والهداية والطمأنينة والهدوء، كذلك فإنّ في الحج كلّ نوع منالاعلام والإبلاغ والتوجيه والدعوة والتمثيل والتصوير، فيه كلّ نوع من دروس الحبّ والهيام والتفاني في سبيل الهدف السامي، وفيه تزكية العواطف وتنزيه المشاعر وتنمية روح الفضائل بإزاء العداوة للشيطان والكراهية للرذائل والفرار من خداع النفس، وأخذ الحذر من كلّ ما يغري العبد المؤمن في طريقه إلى اللّٰه، ومنكلّ ما يخدعه من المظاهر الكاذبة المزخرفة والاستفادة من الجوانب الإعلامية المتوافرة في هذا الركن العظيم، في النواحي الإيجابية والسلبية كلتيهما. . .