231
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثٰابَةً لِلنّٰاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقٰامِ إِبْرٰاهِيمَ مُصَلًّى وَ عَهِدْنٰا إِلىٰ إِبْرٰاهِيمَ وَ إِسْمٰاعِيلَ أَنْ طَهِّرٰا بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَ الْعٰاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ 1.
يقول الإمام الغزالي: فالشوق إلى لقاء اللّٰه تعالى يشوقه إلى أسباب اللقاء لا محالة، هذا مع أنّ المحبّ مشتاق إلى كلّ ما له إلى محبوبه إضافة والبيت مضاف إلى اللّٰه تعالى، - فالبحري أن يشتاق اليه بمجرّد هذه الإضافة - فضلاً عن الطلب لنيل ما وعد عليه من الثواب الجزيل 2.
يقول الشيخ أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي: ربما يشتاق الإنسان إلى ربّه أشد شوق، فيحتاج إلى شيء يقضي به شوقه فلا يجده إلا في الحج 3.
أسرار الحج:
إنّ للحج ديناً يهدف - بعباداته - إلى صلاح الدين والدنيا، فالحج المؤتمر الإسلامي العظيم والاجتماع الحاشد، فيه من المنافع الدينية والدنيوية والثقافية والاجتماعية والسياسية ما يفوت الحصر والعد.
فأما المنافع الدينية: فما يقوم به الحاج من هذه العبادات الجليلة التي تشتمل على أنواع من التذلل والخضوع بين يدي اللّٰه تعالى، فمنها تقحم الأسفار وإنفاق الأموال والخروج من ملاذ الحياة بخلع الثياب واستبدالها بإزار ورداء، حاسر الرأس وقد ترك الطيب والنساء وترك الترفه بأخذ الشعور والأظفار ثم التنقل بين هذه المشاعر، كلّ هذا بقلوب خاشعة وأعين دامعة وألسنة مكبِّرة ملبية، قد حدا بهم الشوق إلى بيت ربّهم، ناسين، في سبيل ذلك، الأهل والأوطان والأموال والنفس والنفيس، فما ترى ثوابهم عند ربّهم؟ !
وأما المنافع الثقافية: فقد أمر اللّٰه بالسير في الأرض للاستبصار والاعتبار