108والقول بمجرّد الابتداع 1.
ثمّ (العبادة) تختلف باختلاف النيّات، فمَنْ قصد حقيقة العبادة اختراعاً وابتداعاً، ومخالفة لأمر اللّٰه سبحانه كان كافراً، سواءً قصد القرب إلى اللّٰه زلفى أو لا، بل هذا في الحقيقة عين العناد والشقاق بعد نهي الأنبياء والرُّسل.
كما قال قوم (شعيب) له: يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ 2.
وقال الصدِّيق: يَا صَاحِبَىِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّٰهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ* مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ 3.
وحكى اللّٰه عن قوم نوح وعاد وثمود أنّهم ردّوا أيديهم في أفواههم، وقالوا:
إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ 4إلى غير ذلك من الآيات الدالّة على ردّهم على الأنبياء، وبنائهم على الاختراع والابتداع.
وفي الاحتجاج: في حديث طويل عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه أقبل في مشركي العرب، فقال لهم: وأنتم فلِمَ عبدتم الأصنام من دون اللّٰه؟ فقالوا: نتقرّب بها إلى اللّٰه زُلفى، فقال: أوهي سامعة مطيعة عابدة لربّها حتّى تتقرّبوا بها إلى اللّٰه؟ قالوا: لا، قال:
أفأنتم نحتّموها بأيديكم؟ فقالوا: نعم، قال: فلئن تعبدكم هي أحرى من أن تعبدوها، إذا لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العالم بمصالحكم، وعواقبكم، والحكيم فيما يكلّفكم 5.