86المسألة هو التفصيل بين صورة الازدحام الشديد وعدمه؛ فتكون النتيجة عين المنقول عن ابن الجنيد أو قريبة منه.
المحاولة الثانية: ما يفهم من كلمات المحقّق آغا ضياء الدين العراقي من أنّ الخبر الثاني - خبر الحلبي - مطروحٌ، وذلك للأخذ بخبر ابن مسلم نظراً لاشتهاره حيث لم يقل أحد بمضمون صحيحة الحلبي 1.
غير أنّ هذه المحاولة قابلةٌ للنظر؛ إذ لو اُريد الشهرة الروائية فهي غير واضحة، فلكلٍّ من الروايتين طريقٌ واحدٌ، وقد ورد أمثال أبان والحلبي والصفّار وأيّوب بن نوح ومحمد بن أبي عُمير وصفوان بن يحيى وغيرهم، وهؤلاء أهمّ في عالم الرواية لو لُوحظ مجموعهم وقوبل بأمثال محمّد بن يحيى وابن عيسى ومحمّد ابن عيسى وحريز وابن مسلم، ولا أقلّ من أنّ هذه المقايسة ترفع احتمال الأشهرية، كما ترفع احتمال أن يكون خبر الحلبي شاذّاً ونادراً حيث أورده الصدوق فيما أورد الآخر الكليني ونقله عنه الطوسي، وأمّا لو اُريد الشهرة الفتوائية المؤثّرة على الخبر ضعفاً وتوهيناً كما هو الظاهر من كلام العراقي، فقد تقدّم معنى ما يفيد أنّ مثل هذه الشهرة غير واضحة في المقام حتّى لو سلّمت الكبرى.
وعليه فالتعارض بين الروايتين ثابتٌ وتامّ، فلا محيص ظاهراً عن سقوطهما والرجوع إلى الأدلّة العامّة في باب الطواف، والتي أخذت عنوان الطواف بالبيت بمعناه العرفي الصادق على الطواف داخل مقام إبراهيم عليه السلام وخارجه.
والمتحصّل: أنّ هذه الشرطية لم يظهر دليل حجّة عليها ومقتضى الأصل عدمها، والاقتراب قدر الإمكان من البيت أفضل، لا سيّما وأنّ هناك جملة مستحبّات عند جدران الكعبة تقتضي الاقتراب شبه الدائم منها كمستحبّات الحجر الأسود والمستجار وغيرهما.
المحور الثاني: الطواف داخل المسجد الحرام
وهو ما يظهر التسالم عليه بين الشيعة إذا بنينا على انعقاد الإجماع على