235بورتون بمشروع رحلته تبنّته «الجمعية الملكية الجغرافية» فوراً. إلّاأنّ «شركة الهند الشرقيّة» التي كان ما يزال يعتبر موظّفاً فيها، رفضت الرحلة على اعتبار انّها خطيرة. وبدلاً من ذلك سُمح لبورتون بإجازة إضافية لدراسة اللغة العربية في «المناطق التي تدرّس فيها اللغة بجدّية» فغيّر بورتون خطّته وقرّر العبور من مكّة المكرّمة إلى مسقط ومنها بحراً إلى الهند قبل أن تنتهي إجازته. وكان يعتقد أنّ زيارة مكّة المكرّمة، واجتياز مناطق مجهولة في شبه الجزيرة العربية وحصوله على لقب حاج، قد تساعده في رحلات لاحقة في المناطق المسلمة، وكذلك في موضوع شراء الأحصنة العربية للجيش البريطاني في الهند 1.
وهكذا قرّر أن يبدأ رحلته، فتوجّه من التو صوب مصر؛ ليشرع من هناك بمغامرته الكبرىٰ. . وليقتحم التاريخ من أبوابه الواسعة.
في الطريق إلى مكّة
بعد أن أكمل الاستعدادات جميعها أبحر من انگلترة إلى الاسكندرية، في اليوم الثالث من نيسان (أبريل) 1853م، باسم المرزا عبداللّٰه من بوشهر. ويقول سيتون ديردون مؤلّف كتاب «الفارس العربي» : إنّه قبل أن يتوجّه إلى مهمّته علم أنّ رحّالة انگليزياً يدعى «فالين nillaW » كان قد تمكّن من الدخول إلى مكّة والحجّ مع الحجّاج في 1845، لكنّه لم يستطع تدوين شيء عمّا فعل ورأى؛ لأنّه كان خائفاً على حياته، بعد أن لاحظ أنّ اثنين من اليهود قد اكتشف أمرهما في مكّة تلك السنة، فقتلهما الحجّاج الهائجون شنقاً. فقرّر أن يستفسر منه عن أشياء كثيرة قبل أن يقدم على الاضطلاع بمهمّته، وكتب له بذلك، لكن كتابه لم يصل إلى فالين إلّابعد أن كان قد توفّي؛ ولذلك عمد إلى دراسة ما كان قد كتبه بيركهارت قبله من تفصيلات، فدرسه دراسة مستفيضة، واستعدّ للرحلة على ضوء ما جاء فيها 2.
وفي طريقه إلى الشرق، كان يعمل على إتقان دوره كمسلم في تفاصيل الحياة اليومية، منتحلاً شخصية نبيل فارسي، لكن بعد وصوله إلى مصر قرّر