15منها: ما ذكره في النية حيث قال: طال في بيانها كلام المتأخّرين وخلا منه حديث أهل البيت عليهم السلام رأساً، وكذلك قدماء فقهائهم، الذين لم يتجاوزوا المأثور عنهم فيما دوّنوه من الأحكام الشرعية، ولم يحتاجوا إلى مضاهاة أهل الخلاف في توليد المسائل.
ومنها: قال عند ذكر مواقيت الإحرام: ومن كان منزله دون هذه المواقيت إلى مكّة أحرم منه. والمعروف في كلام الأصحاب شمول هذا الحكم لأهل مكّة فيكون إحرامهم بالحجّ من منازلهم، مع أنّ النصّ الوارد بالحكم لا يتناولهم، وفي حديثين من مشهوري الصحيح ما يخالف ذلك:
أحدهما: ما روي عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبداللّٰه عليه السلام قلت له: إنّي اُريد الجوار فكيف أصنع؟ قال: إذا رأيت هلال ذي الحجّة فاخرج إلى الجعرانة فاحرم منها بالحجّ.
الثاني: عن سالم الحنّاط قال: كنت مجاوراً بمكّة فسألت أبا عبداللّٰه عليه السلام من أين أحرم بالحجّ؟ قال: من حيث أحرم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم من الجعرانة.
والعجب من عدم التفات الأصحاب إلى هذين الحديثين مع انتفاء المنافي لهما من الأخبار وصحّة طريقهما.
ومنها: عند ذكر الطواف: ثمّ يقف بإزاء الحجر الأسود مستقبلاً له جاعلاً أوّل جزء منه ممّا يلي الركن اليماني، محاذياً لأوّل كتفه الأيسر، ولو ظنّاً على المعروف في كلام متأخّري الأصحاب، ولا بأس بالتزام ما ذكروه خروجاً من خلافهم، فأحاديث أئمّتنا عليهم السلام خالية عن التعرّض لهذا التحرير، ظاهرة في نفي المضايقة بهذا المقدار. ثمّ قال: ويراعى في آخر الشوط السابع الختم بما بدأ به، فيحاذي بأوّل بدنه أوّل جزء من الحجر على نحو ما ذكر في الابتداء. والحال هاهنا نظير ما قلنا هناك من عدم الدليل على اعتبار هذا التضييق، لكنّه المعروف في كلامهم، ولا بأس بوفاقهم، ولم يتعرّض للزوم الانحراف عند فتحتي الحجر أصلاً ممّا ضيق به