123يأجج - وقد وردهم خبرٌ أنّ النبيّ والمسلمين حملوا معهم كامل سلاحهم - فقالوا:
يا محمّد! واللّٰه ما عُرفتَ - صغيراً ولا كبيراً - بالغدر، تدخل بالسلاح الحرم على قومك، وقد شرطت أن لا تدخل إلّابسلاح المسافر: السيوف في القُرُب؟ !
فقال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: لا ندخلها إلّاكذلك.
فرجع مكرز إلى مكّة مسرعاً يقول لهم: إنّ محمّداً لا يدخل بسلاح، وهو على الشرط الذي شرط لكم.
فمن هذا يظهر أنّ قريشاً كانت تراقب بدقّة أن لا تُخترق بنود صلح الحديبيّة، أو يُزاد عليها، وترفض أيّ شيء يستجد بعد ذلك، وإن كان هذا توجّساً منها وخوفاً وحذراً. وإلّا فليس من أخلاق رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله مخالفة ما تعاهد عليه، وعظيم قول مكرز وجميل: يا محمّد واللّٰه ما عُرفت - صغيراً ولا كبيراً - بالغدر.
إذن: أبىٰ مشركو قريش أن يقبلوا طلب رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله منهم أن يدخل الكعبة، وقد رفضوا ذلك معلّلين رفضهم بأنّه ليس من شروط الصلح، فكيف برفع الأصنام؟ فهل يقبلونه وهو بالنسبة إليهم أمر كبير وخطير، ولم يذكر في شروط صلح الحديبية؟ !
ولو سلّمنا بأنّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله طلب رفع الأصنام من المسعى، وسلّمنا أيضاً بأنّ قريشاً قبلت بذلك، فلماذا فقط يطلب الرسول صلى الله عليه و آله رفع الأصنام من المسعى فقط دون البيت، وقد اُحيطت الكعبة بالأصنام، والطواف أعظم من السعي أحكاماً وآداباً. . . ؟
ثمّ هل الأصنام التي حول الكعبة أكثر قدسية عند مشركي مكّة من أساف ونائلة، حتّى يهون الأمر عليهم فيستجيبوا لرفع هذه ويتركوا تلك على حالها، أو أنّ الأصنام التي حول الكعبة أقلّ خسّةً وقذارة من تلك التي على الصفا والمروة، فيطلب النبي رفع هذه وترك تلك؟ !
اللّهم إلّاأن نقول: إنّ المقصود ب «أنّ رسول اللّٰه كان شرط عليهم أن يرفعوا