72صاحب السنّن) قام بتفنيد حديث الغدير مّما حدا بالطبريّ إلى تأليف الكتاب المذكور (كردّ على تلك الصيحة) . دعونا نتابع التقارير المدوّنة في المصادر القديمة فيما يخصّ هذا الأمر.
يعدّ القاضي نعمان أوّل من بيّن العلّة في تأليف كتاب (الولاية) ، فهو القائل:
«فمن ذلك أنّ كتابه الذي ذكرناه وهو كتاب لطيف بسيط ذكر فيه فضائل عليّ عليه السلام وذكر أنّ سبب بسطه إيّاه، إنّما كان لأنّ سائلاً سأله عن ذلك لأمر بلغه عن قائل زعم أنّ عليّاً عليه السلام لم يكن شهد مع رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه وآله حجّة الوداع الّتي قيل إنّه قام فيها بولاية علي بغدير خمّ ليدفع بذلك - بزعمه - عنه حديث رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه وآله: «من كنتُ مولاه فهذا عليّ مولاه» . فأكثر الطّبريّ التّعجب من جهل هذا القائل واحتجّ على ذلك بالروايات الثابتة على قدوم عليّ من اليمن على رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه وآله» 1.
وأمّا ياقوت الحمويّ فقد أخذ جلّ معلوماته من أبي بكر بن كامل بخصوص الطبريّ. فمن جملة ما قال (عند إحصائه لعدد من مؤلفات الطبريّ) :
«وكتاب فضائل علي بن أبي طالب رضي اللّٰه عنه تكلّم في أولّه بصحّة الأخبار الواردة في غدير خمّ، ثم تلاه بالفضائل ولم يتمّ» 2.
وفي إشارة له على كون الطبريّ كان قد غفر لكلّ مَن أساء إليه إلّاأولئك الذين اتّهموه بالبدعة، مدح ياقوت الحمويّ الطبريّ على سجيّته هذه، ثم ينقل ما قاله أبو بكر بن كامل:
«وكان إذا عرف من إنسان بدعة أبعده وأطرحه. وكان قد قال بعض الشيوخ ببغداد بتكذيب حديث غدير خمّ، وقال: إنّ عليّ بن أبي طالب كان باليمن في الوقت الذي كان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه وآله بغدير خمّ. وقال هذا الإنسان في قصيدة مزدوجةٍ يصف فيه بلدًا بلدًا ومنزلاً منزلاً يُلَوِّح فيها الى معنىٰ حديث