39ما خشن.
وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استنبأناه. ونحن واللّٰه - مع تقريبه إيّانا وقربه منّا - لا نكاد نكلِّمه هيبةً له.
ويعظّم أهل الدين، ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييئس الضعيف من عدله.
وأشهد أنّي لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، قابضاً على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول:
يا دنيا غُرّي غيري! أإليّ تعرّضتِ أم إليَّ تشوّقتِ؟ !
هيهات هيهات!
قد باينتك ثلاثاً لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وخطرك قليل.
آه من قلّة الزاد، وبُعد السفر، ووحشة الطريق!
ولما انتهى ضرار من وصفه هذا يقول الخبر: فبكى معاوية حتّى اخضلّت لحيته وقال: رحم اللّٰه أبا الحسن، كان واللّٰه كذلك.
فكيف حزنك عليه يا ضرار؟
قال: حزن من ذُبحَ وحيدُها في حجرها.
ولمّا بلغ معاوية قتل علي عليه السلام قال:
ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب.
فقال له أخوه عتبة بن أبي سفيان: لا يسمع هذا منك أهل الشام.
فقال له: دعك منّي 1.
وكان يقول عن علم عليّ عليه السلام: كان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يغره العلمَ غرّاً 2رحم اللّٰه أباالحسن فلقد سبق من كان قبله، وأعجز من يأتي بعده 3.
. . . هيهات هيهات! عقمت النساء أن يلدن مثله 4وهذا عمرو بن العاص العدوّ اللدود لعليّ عليه السلام حينما راح يخيِّر نفسه بين