35والمبغضين. . .
نعم كانوا لا يُطيقون ظهور فضائلك ولا الإصغاء إليها فضلاً عن الارتواء من نميرها.
لقد عثرتُ على قول آخر للخليل بن أحمد الفراهيدي:
«ما أقول في حقّ امرئٍ كتمت مناقبه أولياؤه خوفاً وأعداؤه حسداً، ثمّ ظهر ما بين الكتمين ما ملأ الخافقين. بل ظهر نزر يسير فكان له كلّ هذا» .
ممّا فعلوه
لقد كنت سيّدي فريداً نأت عنه هذه الأمّة بسوء حظّها، ووحيداً جفته لسوء طالعها.
كم دأب الأعداء على محو آثارك ومعالمك، فلعلّ ذاكرة التاريخ تنساها، فخاب كيدهم، وأنصفك التاريخ، فهذه كتب التأريخ والحديث والآثار تحكي لنا أنّ الذي زيّن صفحاتها كان ذِكرك، وأنّ الذي لوّن لوحاتها كانت مناقبك وفضائلك، فقد بهر ما ظهر منها العيون وحيّر العقول خاصة إذا تتبعنا ما أفرغه الأعداء من جهود وما بذلوه من أموالٍ لشراء الذمم وما سخّروه من وسائلهم الإعلامية - بعد أن عقد حبّك وولاؤك على قلوب محبّيك ومريديك - على مدى سبعين سنة أو تزيد: منابر تشتمك، وألسن تتبرأ منك، وأخرى تلعنك. . وفي قبالها نفوس تزهق، وألسن قطعت؛ لأنّها لا تقول فيك شيئاً نكراً لطمس فضائلك ودفنها، فخابت جهودهم وبطلت أحلامهم.
لم يكتفوا بالحسد «فكلّ ذي نعمة محسود» ونعمتك ما أعظمها: فآيات نزلت بحقّك، وروايات تواترت بفضلك، وأقوال لرسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أخذت تشيد بك، ومواقف رسالية راحت تتباهى بك. . هذا فضلاً عن الصياغة الربّانية لك: قدرات عجيبة، وصفات فريدة، ومناقب جليلة. . . فكيف لا يحسدوك وكلّ منهم خال الوفاض منها؟ !