300وقادة الكتائب: مَن ألقى سلاحه فهو آمن، ومَن دخل بيتَه وأغلق بابه فهو آمن، ومَن دخل الكعبة فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. وكان الغرض من ذلك أن يذهب أبو سفيان، ويخذل الناس عن الحرب ويجلس في بيته، لأنه رجل له قوة تحريضية هائلة على اثارة البلابل، فاسكته النبيّ بهذه المكانة المتساوية مع رجل أغلق بابه، ولا شيء غير ذلك.
وفرح أبو سفيان بهذه الرتبة الجديدة والشرف، وذهب مسرعاً إلى مكة يطلب إلى الناس أن يدخلوا داره، وهو لا يعنيه من الشعارات إلا أمان داره، وهو قادر على تجيير الجو لصالحه، فصار يدعو الىٰ داره فقط ليوهم الناس أنه وحده قد حظي بهذا الشرف، وهذا ما جعل الآخرين إما يلتزمون بيوتهم، أو يهربون إلى الجبال المحيطة بمكة.
ويزحف الجيش الإسلامي المقدام، ويدخل مكّة من طرق أربعة يطوقها من كلّ مكان حتى لا يفكر أحد في إراقة دم في بيت اللّٰه الحرام، وفي البلد الحرام.
وذكروا أن النبيّ صلى الله عليه و آله كان داخلاً وقلبه خاشع للّٰهعلى هذا التوفيق، ولسانه يردّد إذا جاء نصر اللّٰه والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين اللّٰه أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان تواباً.
ومضت فرق الجيش تدخل مكة دون أدنى مقاومة، وقد أخذت الحميةُ سعد ابن عبادة الأنصاري وهو يمرّ أمام أبي سفيان بن حرب فقال له: اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى أو تستحل الحرمة. وتردّد قولُه بين المسلمين فنقلوه إلى النبي صلى الله عليه و آله وقالوا:
يا رسولَ اللّٰه! ما نأمن أن يكون لسعد في قريش صولة. وقيل: إن العباس سمع ذلك فقال للنبيّ صلى الله عليه و آله: يا رسول اللّٰه! أما تسمع ما يقول سعد؟ فقال النبي صلى الله عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السلام: يا علي! أدرك سعداً، فخذ الراية منه، وكن أنت الذي تدخل بها مكة.
فأدركه أمير المؤمنين عليه السلام فأخذها منه، ولم يمتنع عليه سعد بل دفعها إليه.
ولم ير رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أحداً من المهاجرين والأنصار يصلح لأخذ الراية من