299وهناك التحق به عمّه العباس، الذي كان بقاؤه بمكة بأمر النبيّ حيث كان يقدم المعلومات عن قريش، ومظاهرها العسكرية وقوتها الاقتصادية، وما كانت تكيد وتدبر لحرب الرسول صلى الله عليه و آله.
ولما رأى العباس عظمة هذا الجيش الفاتح وقوته تأكّد لديه أن الجيش إذا دخل بهذه القوة والعنجهية ستذهب قريش والى الأبد. فكان يحاول أن يساعد النبي صلى الله عليه و آله على الفتح الهادئ حتى لا تراق في هذا الفتح محجمة دم.
وبينما هو غارق في التفكير لاح بخاطره أن يجول على أطراف المعسكر، لعلّه يرى آتياً أو ذاهباً، يمكنه أن يوصل خبراً لقيادة قريش حتى تأتي وتستأمن لدمها وأموالها، فتحفظ قريش ويحفظ الحرم.
وبينا هو كذلك إذا بأبي سفيان ومعه نفر جاءوا يستمعون الأخبار، وقد أذهلهم ما رأوا من نيران حتى أن بعضهم قال: هذه نار خزاعة، قال أبو سفيان:
خزاعة أقل وأذل. وينادي العباس أبا حنظلة! فيجيبه أبو سفيان فداك أبي وأمي بعدما عرفه، وهو مندهش من هول ما رأى عدةً وعدداً، ثم خاطبه ما ترى في أمرنا؟ قال: الإسلام - التحق بي حتى لا يقتلك الناس، وأردفه خلفه مؤمناً له مانعاً قتله حتى وصل إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله، وعرض عليه الاسلام، ولكنه كان صلب الشكيمة، شديد السخيمة يعزّ عليه فقدان اللّات والعزى والهبل الأعلى، وقد حاول عمر بن الخطاب قتله عن طريق إثارة النبيّ صلى الله عليه و آله، وأن اللّٰه قد أمكن منه بلا عهد ولا عقد، ولكن العباس الحريص على الإسلام رأى الحكمة في بقائه، ليرى عزّة الإسلام، وشرف النبي المطرود، وذلة قريش وصغار أبي سفيان، وطلب من أبي سفيان أن يسلم فتمهل، ولكن النبيّ صلى الله عليه و آله قال لعمّه العباس: أبقه عندك الليلةَ، وآتني به صباحاً.
وفي الصباح أسلم بعد محاورة قصيرة، وقال العباس للنبي: إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً، فقال النبي صلى الله عليه و آله في معرض توصياته لرؤساء الجند