235الذين معه رجلاً من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسا كلّ رجل من القوم حُلّة من البزّ الذي كان مع عليّ رضي اللّٰه عنه. فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم، فإذا عليهم الحُلل قال: ويلك اما هذا؟ قال: كسوت القوم ليتجملّوا به إذا قدموا في الناس، قال: ويلك! انزع قبل أن تنتهي به إلى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله.
قال: فانتزع الحُلل من الناس، فردّها في البزّ، قال: وأظهر الجيش شكواه لما صُنع بهم» (79) .
والغريب أن صاحب كتاب المغازي محمد بن عمر بن واقد، نقل القصة بتمامها، ثم كتب: «أن النبي صلى الله عليه و آله دعا علياً فقال: ما لأصحابك يشكونك؟ فقال:
ما أشكيتُهم؟ قسمتُ عليهم ماغنموا وحبست الخمس حتى يقدم عليك، وترى رأيك فيه، وقد كانت الأمراء يفعلون أموراً: يُنفلون من أرادوا الخمس، فرأيت أن أحمله إليك لترى فيه رأيك فسكت النبي صلى الله عليه و آله» (80) .
ولم يذكر الواقدي ما قاله النبي صلى الله عليه و آله تعليقاً على شكاية أهل اليمن، والذي ذكره ابن هشام في سيرته من مدح عليّ، وأنه يغضب للّٰه، وأنّه قوي من ذات اللّٰه تعالى، ولا أدري لماذا لم ينقل كلام النبي صلى الله عليه و آله في حق علي في تلك القصة؟ !
ردّ التفسير الأول:
إن قصة أهل اليمن لا يمكن جعلها قرينة على حمل لفظ (المولى) على الناصر، أو المحب وماشاكل وذلك:
أولاً: أن أهل الشكاية إنما شكوا علياً إلى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله قبل التاسع من ذيالحجة، وواقعة غدير خم في يوم الثامن عشر منه، فالذي ينبغي لو كان الدافع إلى حديث الغدير هو تلك الواقعة أي يأتي مدح علي بذلك الحديث في وقت وقوعها، كما قال النبي صلى الله عليه و آله عقيب الشكاية في رواية ابن هشام:
«ياأيها الناس لا تشكوا علياً فواللّٰه إنه لأخشن في ذات اللّٰه» أو في سبيل اللّٰه من أن يشكى» .
ولم يتكلم صلى الله عليه و آله بكلام آخر غير هذا.
وثانياً: أن مدح النبي صلى الله عليه و آله لعليّ إذا كان على أثر هذه الواقعة ينبغي أن يكون مناسباً مع المقام، كما قال صلى الله عليه و آله: