61ومنىٰ وعرفات؛ إذ تتسارع فيها دقّات قلبه. وأنا لا أرى - من الوجهة المعنوية - فارقاً بين هذه الأماكن. وأعتقد بأنَّ هذه المشاعر تبلغ ذروتها عندما يقع البصرُ على الكعبة ويكمن سرُّ ذلك كلّه في الشعور بالارتباط الوثيق مع اللّٰه، واستشعار العبودية بين يديه. في ذلك الموقف تمرّ المشاعر أمام عين الإنسان، ومتىٰ ما بلغت نقطة معيّنة تعتريه عندها مشاعر جيّاشة ويواصل مسيرته؛ وهذا أشبه ما يكون برسم خط تصاعدي وتنازلي على ورقة.
إنّ زائر بيت اللّٰه الحرام يستلهم المعاني من رمال صحراء منىٰ وحتّىٰ من أبواب الحرم ومن المرايا والشمعدانات، ومن كلّ واحدة من تلك المفردات، توحي إليه بشعور معيّن. وأنا أتحدّث هنا عن تجربتي الشخصية فحسب، ولا أدري إن كان الآخرون أيضاً تراودهم هذه المشاعر نفسها، خاصة في بداية الدخول إلىٰ ذلك المكان المقدّس، أم لا؟ لا يُستبعد أن كلّ شخص تبلغ مشاعره الدينية وعشقه الإلهي ذروته في نقطة معيّنة بما يتناسب مع حالته وطبيعته.
وأقول في ضوء ما مرّ ذكره: إنني لستُ بصدد إثبات أن نكتة جديدة قد انكشفت لي في منىٰ وعرفات والكعبة وما إلىٰ ذلك، كلّاٰ، ولكن كانت هناك حالة عرفانية دائمة ولكنّها عرضة للصعود والهبوط؛ ومثل ذلك كمثل إنسان يرتقي تلّاً ضمن سلسلة تلال؛ ثمّ ينحدر منه، فالمسير متواصل ولكن الحالات متغيّرة.
: لاحظنا في السنوات الأخيرة حصول تغييرات كثيرة في مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة. فما هو تقييم سماحتكم لها؟
الشيخ الهاشمي: إنني أرىٰ في هذه التغييرات شيئاً إيجابياً. وقد شاهدت مشاريعهم