208تعالى تسديده وإعانته على تجاوز الصعاب والمشاق التي يعلم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بأنّ الرجل سيواجهها في حياته. . . ويظهر من ذلك أن ما كان مكلفاً به أمر مهم وخطير وأنّ مسيرته شائكة، وأن كلّ ما فعله رضوان اللّٰه عليه كان بأمر من رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ووفقاً لرغبته صلى الله عليه و آله ورضاه.
يقول: أوصاني حبّي (أي رسول اللّٰه) بخمس: . . . وأن أقول الحقّ ولو كان مرّاً. . . «وكيف أنت عند ولاة يستأثرون عليك» قلت (يا رسول اللّٰه) : أضع سيفي على عاتقي وأضرب حتى ألحقك. . .
أمرنا رسول اللّٰه ألا نغلب على أن نأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، ونعلم الناس السنن.
قال له رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: «يا أبا ذر، أنت رجل صالح، وسيصيبك بعدي بلاء»
قلت: في اللّٰه؟
قال: «في اللّٰه» .
قلت: مرحباً بأمر اللّٰه.
فمنذ أول بادرة إيمانية ظهرت على لسان أبي ذر وهي نطقه بالشهادتين. . . كلّفه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بأن يكون داعيةً ومبلغاً لرسالة السماء.
بمن تأمرني يا رسول اللّٰه؟
فأجابه صلى الله عليه و آله: ترجع الى قومك حتى يبلغك أمري. . .
فهل أنت مبلغ عني قومك. . . عسى اللّٰه أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟
وأين؟ ! إنها دعوة خطيرة، فهي لقومه غفار، هذه القبيلة التي عرفت بالجاهلية من بين قبائل العرب بقسوتها وشدّتها وحبّها للغزو وتفانيها من أجل السطو والنهب الذي كان مصدر عيشها.
نعم بعثه صلى الله عليه و آله مبلغاً لمفاهيم السماء وقيمها في عشيرته، التي كانت مضرب المثل بين قبائل العرب وغيرهم في السطو وبث الرعب في قلوب المارة، حتى صار المار