209بديارهم يحسب ألف حساب قبل أن يخطو خطوة في طريقه. . . كانوا يرقبون الحاج بمحاجن لهم. وكانوا حلفاء الليل والظلام. والويل والويل لمن يسلّمه الليل الى واحدٍ من قبيلة غفار كما يقول خالد محمد خالد.
فعملية التغيير التي ألقاها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله على عاتق هذا العبد الصالح ليست أمراً سهلاً أبداً؛ لهذا نرى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يلاحق أبا ذر في تحركاته، ويكثر له من الدعاء في أن يسدّده اللّٰه تعالى وأن يثبته. وفعلاً استطاع أبو ذر - وكما تقول مصادر التاريخ - أن يهدي أكثر من نصف قبيلته وبقي النصف الآخر ليعلن إسلامه على يدي رسول الحق صلى الله عليه و آله.
وكان من أدعيته صلى الله عليه و آله التي طالما كررها له:
اللهم أغفر لأبي ذر وتب عليه.
آجرك اللّٰه يا أبا ذر. . .
أما من وصاياه صلى الله عليه و آله الأخرى:
فعن أبي ذر: دخلت المسجد فإذا رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، فقال: «يا أبا ذر ألا أوصيك بوصايا إن أنت حفظتها نفعك اللّٰهُ بها؟
قلت: بلى بأبي أنت وأمّي.
قال: جاور القبور تذكر بها وعيد الآخرة، وزرها بالنهار، ولا تزرها بالليل، واغسل الموتى؛ فإنّ في معالجة جسد خاوٍ عظة، وشيع الجنائز، فإن ذلك يحرك القلب ويحزنه، واعلم أنّ أهل الحزن في أمن اللّٰه، وجالس أهل البلاء والمساكين، وكُلْ معهم، ومع خادمك، لعلّ اللّٰه يرفعك يوم القيامة، والبس الخشن الصّفيق من الثياب تذلّلاً للّٰه- عزّوجلّ - وتواضعاً؛ لعلّ الفخر والبطر لا يجدان فيك مساغاً، وتزين أحياناً في عبادة اللّٰه بزينة حسنة تعففاً وتكرماً، فإنّ ذلك لا يضرك - إن شاء اللّٰه - وعسى أن يحدث للّٰهشكراً» 1.