22ماذا يتصوّر المسلم القارئ للقرآن الكريم من دلالات وأبعاد وآفاق لهذه (المنافع) التي أراد اللّٰه تعالى أن يشهدها الملايين الوافدون من أصقاع الكرة الأرضية؟
هل نكتفي بتفسير (المنافع) بكونها منافع اُخروية في الجنّة فيما يعطيه اللّٰه للحجّاج من الثواب الجزيل كما ذهب بعض المفسِّرين، أو نفسّرها ب (التجارات في الدنيا كما ذهب بعض آخر، أم نجمع بين التفسيرين (التجارات في الدنيا، والمغفرة في الآخرة) ؟ ! وكأنّ (التجارات) هي المنافع الدنيوية الوحيدة التي من أجلها فرض اللّٰه عزوجل فريضة الحجّ، وأوجب على المسلمين أن يحقّقوا ذلك الاجتماع المليوني الكبير! !
وإذا كان السابقون يدركون المقاصد التجارية للحج باعتباره يمثِّل - فيما يمثِّل - سوقاً إسلامية عالمية رائجة، فنحن - في واقعنا المعاصر - لا يمكن أن نعتبر هذه السوق من (المنافع) التي ذكرتها الآية المباركة، وجعلتها علّة أو غاية للحكم. . .
ذلك لأنّ السوق في مكّة والمدينة أصبحت (أمريكية - أوروبيّة - يابانية) بكلّ معنى الكلمة! !
وقد نبّه الإمام الخميني إلى هذه الظاهرة الخطيرة وحذّر الحجّاج المسلمين، الذين تركوا الأهل والديار، وأتوا ملبّين دعوة إبراهيم الخليل عليه السلام، من أن يكونوا «مستهلكاً» ممتازاً للبضائع الأمريكية، بقوله:
«أسواق البلدان الإسلامية أصبحت مركز تنافس بضائع الغرب والشرق، حيث تتجه إليها سيول البضائع الأمريكية والأوروبية واليابانية الكمالية واللعب والاستهلاكيات.
ومع الأسف الشديد فانّ مكّة المعظّمة وجدّة والمشاهد المشرّفة في الحجاز. .
حيث مركز الوحي ومهبط جبرائيل وملائكة اللّٰه، ومحلّ تحطيم الأصنام والبراءة منها، أصبحت مملوءة ببضائع الأجانب، وغدت سوقاً رائجاً لأعداء