140والعبادة، بل استغلوا هذه المناسبة للعمل السياسي كجزء طبيعي من هذه الفريضة، لا كشيء زائد عليها أو أجنبي عنها، فها هو الامام الحسين بن علي سبط الرسول صلى الله عليه و آله يحتج على حاكم جائر من حكام زمانه في يوم من أيام الحج.
بل ووجد غير المسلمين فرصتهم في الحج ليعرضوا على الخليفة شكاواهم فيقوم الخليفة بانصافهم في زمن الحج، لا بعدئذ، كما هو الحال في قصة ابن القيطي الذي ضربه ابن عمرو بن العاص (والي مصر يومئذ) . . فاقتضىٰ عمر بن الخطاب الذي اقتص من المعتدي على مرأىٰ ومسمع من ألوف الحجيج، وقال كلمته الشهيرة: يا عمرو «متىٰ استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟ !» .
حول هذه الحادثة، يعقّب أحد العلماء المعاصرين بقوله: «فإذا كان الحج موسماً لبيان الظلامات والشكاوىٰ من الحكام والولاة المسلمين، أفلا يكون من الأوْلى أن يجوز فيه الشكوىٰ من الاستعمار وأذنابه وعملائه، واستنصار المسلمين عليهم؟ وهل يجوز أن نشكو الوالي المسلم إذ تعدّىٰ حدوده، ولا يجوز أن نشكو المستعمر الظالموالأجنبي الغازي، وهو يرتكب كلّ تلك الجرائم والمجازر؟
فلسفة الحج عند الامام
إنّ الدلالات السياسية المختلفة التي تتضمنها ظاهرة الحج في المجتمع الاسلامي تنطوي علىٰ سمات خاصة بهذا المجتمع، فالسياسة ليس مؤسسة قائمة بذاتها ومنفصلة عن باقي جوانب وأبعاد الحياة الفردية والجماعية. بل هي لحظة تتدرج ضمن ممارسة شمولية متعددة الجوانب، تعطي للنسق السياسي الاسلامي بعداً توحيدياً متميّزاً.
وإذا ما وعينا هذه الحقيقة جيداً، نستطيع أن نفهم أهميّة النداءات والتوجيهات التي أطلقها الامام الخميني، بشأن الحج والحجيج، إنّها نداءات وتوجيهات نابعة عن فهم واعٍ حركي للإسلام، أو هي بعبارة أخرىٰ منطلقة من نظرة واعية للدور الذي يستطيع الحج أن ينهض به على ساحة