99ولا ذاك، وإنما هو لطلب الحقيقة والماهية فقط، أو أنّه يدل على القدر المشترك بين الفور والتراخي. . ثم الانتقال بعد ذلك ببيان موجز إلىٰ واحد من آثار هذه المسألة وهو:
فريضة الحج، وهل هي مبتنية على الفور أو على التراخي، والتعرض إلى أقوال الفرق الإسلامية وآراء فقهائها في هذا الخصوص.
فقد اتفقت كلمة الفقهاء وأهل اللغة علىٰ أن الأمر يدل على الوجوب إذا ما خلا من القرينة، التي قد تصرفه وتبعده عن الوجوب، الذي هو حقيقة فيه.
لغةً «الأمر حقيقة في الإيجاب بمعنى الإلزام وطلب الفعل وإرادته جزماً» .
وشرعاً «الأمر حقيقة شرعية في الوجوب، الذي يترتب علىٰ مخالفته استحقاق الإثم والعقاب» 1.
قال تعالىٰ: ( أفعصيت أمري) 2ولا معصية بلا وجوب: ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره) 3.
فالذم والتحذير والتهديد والوعيد. . كلها تتوجه لمن أعرض وتولىٰ عمّا وجب عليه أداؤه. . وكما أن ذيل الآية هو الآخر ( . . أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) يبين أنّ الفتنة والعذاب الأليم يترتبان علىٰ مخالفة الأمر. وهذا قد يُعدّ أدلّ نصٍّ علىٰ أن الأمر يقتضي الوجوب.
قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: «لولا أن أشق علىٰ أمتي لأمرتهم بالسواك عند كلّ صلاة» فلولا تفيد انتفاء الأمر لوجود المشقة، وانتقل إلى الندب حيث لا مشقة فيه. والأمر هنا للإلزام والوجوب لو وقع.
والوجوب ثابت للأمر - سواء أكان ثبوته بالوضع أم بالانصراف لغلبة الاستعمال - ولا يحمل على الندب إلّابقرينة، هذا وإن الوجوب أيضاً ثابت للأمر سواء أكان الأمر مطلقاً أم كان مقيداً بوقت معين أو معلقاً علىٰ شرط أو صفة. . ولكن الأمر المطلق اُفرد دون غيره؛ لأنه محل النزاع والخلاف في مسألة الفور