41فيكون البناء الأول والرابع مشتركاً.
ثم على القول بأنّ بناء الملائكة وبناء آدم في وقتين فهو تأسيس أيضاً، كما ذكره الفاسي في «شفاء الغرام» لا بناء مرتفع كغيره من الأبنية، لأنّه حينئذٍ يحتاج إلىٰ معرفة السبب في نقض الملائكة بناء آدم، أو نقض آدم بناء الملائكة، ولم أرَ أحداً ذكر ذلك فيما وقفت عليه، ولا تَعرَّض لمقدار ارتفاع بناء الملائكة وآدم في السماء، فيُحتمل ألّا يكون هناك ارتفاع، أو يكون وهدم بتتابع القرون، فبُني ثانياً على ما وجد مِنَ الأساس.
قال: «وأما سبب بناء ابن الزبير، فهو أنّ الحصين بن نُمير لما قدم مكة، ومعه الجيش مِن قبل يزيد بن معاوية لقتال ابن الزبير، جمع ابن الزبير أصحابه، فتحصَّن بهم في المسجد الحرام حول الكعبة، ونصب خياماً يستظلون فيها من الشمس، وكان الحصين قد نصب المنجنيق على أخشَبَي مكة، وهما أبو قُبيس والآخر الذي يقابله، وصار يرمي به علىٰ ابن الزبير وأصحابه، فتصيب الأحجار الكعبة، فوهنت لذلك، وتخرقت كسوتها عليها، وصارت كأنها جيوب النساء.
ثم إنّ رجلاً مِن أصحاب ابن الزبير أوقَد ناراً في بعض تلك الخيام مما يلي الصفا، بين الركن الأسود واليماني، والمسجد يومئذ صغير، وكانت في ذلك اليوم رياح شديدة، والكعبة إذ ذاك مبنيّة بناء قريش مدماك من ساج، ومدماك من حجارة، فطارت الريح بشرارة مِن تلك النار فتعلقت بكسوة الكعبة، فاحترقت واحترق الساج الذي بين البناء، فازداد تصدع البيت، وضعف جدرانه، وتصدع الحجر الأسود أيضاً، حتّى ربطه ابن الزبير بعد ذلك بالفضة، ففزع لذلك أهل مكة واهل الشام الحصين وجماعته.
وعن الفاكهي: أنّ سبب حريق البيت، إنّما كان من بعض أهل الشام أحرق على باب بني جُمَح، وهو باب الصفا، وفي المسجد يومئذٍ خيام، فمشى الحريق حتّى أخذ في البيت فظن الفريقان أنّهم هالكون.