42قال الجدّ: قلت: وهذا يخالف ما ذُكِر أن السبب في ذلك بعض اصحاب ابن الزبير، ولعل ما ذكره الفاكهي أصوب، على أنّه يمكن الجمع بوقوع كل من ذلك فيكون السبب مركباً» انتهى.
ثم جاء نعيُ يزيدٍ بعد ذلك بتسعة وعشرين يوماً، والحصين مستمر على حصار ابن الزبير، فارسل ابن الزبير إلى الحصين جماعة من قريش، فكلموه وعظموا عليه ما أصاب الكعبة.
وقالوا له: إنّ هذا مِن رميكم لها. فانكر ذلك ثم ولّىٰ راجعاً إلى الشام. فدعا ابن الزبير حينئذ وجوه الناس، واستشارهم في هدم الكعبة، فأشار عليه القليل من الناس بذلك، وأبى الكثير، وكان أشدهم عبداللّٰه بن عباس.
وقال: دعها على ما أقرها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله فإنّي أخشى أن يأتي بعدك مَن يُهدِّمها، فلا تزال تهدم وتُبنى فيتهاون الناس بحرمتها، ولكن ارقعها.
فقال ابن الزبير ما يرضى أحدكم أن يرقع بيت أبيه وأمه، فكيف أرقع بيت اللّٰه؟ !
واستقر رأيه علىٰ هدمها رجاء أن يكون هو الذي يردُّها على قواعد الخليل عليه السلام لقوله صلى الله عليه و آله لعائشة «لولا قومك حديثو عهد بكفر وفي رواية «حديث عهد بكفر لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين» . 1ثم إنّ ابن الزبير أمر بهدم الكعبة، وكان ذلك سنة أربع وستين من الهجرة، يوم السبت النصف مِن جمادى الآخرة، أخرجه الأزرقي.
وقيل: سنة خمس وستين، فلم يجتر أحدٌ على ذلك، وخرج عبداللّٰه بن عباس إلى الطائف، فلما رأى ذلك ابن الزبير علاها بنفسه وأخَذَ المِعوَل وجعل يُهدِّمها، فلما رأى أنه لم يصبه شيء صعدوا معه، وهدَّموا وأرقى ابن الزبير عبيداً مِن الحبش يُهدِّمونها رجاء أن يكون فيهم صفة الحبشي الذي قال فيه صلى الله عليه و آله: «يُخرِّبُ الكعبة ذو السويقتين من الحبشة» . 2